مواضعها. قال القسطلاني: والحدود جمع حد وهو هنا ما تتميز به الأملاك بعد القسمة وأصل الحد المنع ففي تحديد الشيء منع خروج شئ منه ومنع دخول غيره فيه انتهى (وصرفت الطرق) بضم الصاد المهملة وكسر الراء المخففة والمشددة أي بينت مصارفها وشوارعها. قاله القسطلاني. وقال القاري: أي بينت الطرق بأن تعددت وحصل لكل نصيب طريق مخصوص (فلا شفعة) قال القاري: أي بعد القسمة، فعلى هذا تكون الشفعة للشريك دون الجار وهو مذهب الشافعي، وأما من يرى الشفعة للجوار لأحاديث وردت في ذلك وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه يقول إن قوله فإذا وقعت الحدود ليس من الحديث بل شئ زاده جابر انتهى.
قلت: رد ذلك بأن الأصل أن كل ما ذكر في الحديث فهو منه حتى يثبت الإدراج بدليل، وورود ذلك في حديث غيره مشعر بعدم الإدراج كما في حديث أبي هريرة الآتي.
وقال المناوي: الحدود جمع حد وهو الفاصل بين الشيئين وهو هنا ما يتميز به الأملاك بعد القسمة فإذا وقعت الحدود أي بينت أقسام الأرض المشتركة بأن قسمت وصار كل نصيب منفردا فلا شفعة، لأن الأرض بالقسمة صارت غير مشاعة دل على أن الشفعة تختص بالمشاع وأنه لا شفعة للجار خلافا للحنفية انتهى.
وقال الإمام الخطابي: وهذا الحديث أبين في الدلالة على نفي الشفعة لغير الشريك من الحديث الأول، وكلمة إنما يعمل تركيبها فهي مثبتة للشئ المذكور نافية لما سواه، فثبت أنه لا شفعة في المقسوم.
وإما قوله صلى الله عليه وسلم: ((فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة)) فقد يحتج بكل لفظة منها قوم أما اللفظة الأولى ففيها حجة لمن لم ير الشفعة في المقسوم، وأما اللفظة الأخرى فقد يحتج بها من يثبت الشفعة بالطريق وإن كان المبيع مقسوما. قال الخطابي: ولا حجة لهم عندي في ذلك، وإنما هو الطريق إلى المشاع دون المقسوم، وذلك أن الطريق تكون في المشاع شائعا بين الشركاء قبل القسمة، وكل واحد منهما يدخل من حيث شاء ويتوصل إلى حقه من الجهات كلها، فإذا قسم العقار بينهم منع كل واحد منهم أن يتطرق شيئا من حق صاحبه وأن يدخل إلى ملكه إلا من حيث جعل له، فمعنى صرف الطرق هو وقوع الحدود هنا.
ثم إنه قد علق الحكم فيه بمعنيين أحدهما وقوع الحدود وصرف الطرق معا فليس لهم أن يثبتوه بأحدهما وهو نفي صرف الطرق دون نفي وقوع الحدود انتهى كلامه. قال المنذري: