بالراعي، والنفس البهيمية بالأنعام، والمشبهات بهما حول الحمى والمعاصي بالحمى، وتناوله المشبهات بالرتع حول الحمى، فهو تشبيه بالمحسوس الذي لا يخفى حاله. ووجه التشبيه حصول العقاب بعدم الاحتراز في ذلك، كما أن الراعي إذا جره رعيه حول الحمى إلى وقوعه استحق العقاب لذلك، فكذا من أكثر من الشبهات وتعرض لمقدماتها ذلك وقع في الحرام فاستحق العقاب ذكره القسطلاني (الريبة) أي الأمر المشتبه والمشكوك (أن يجسر) بالجيم من الجسارة أي على الوقوع في الحرام، وفي بعض النسخ يخسر بالخاء المعجمة.
قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة. (وبينهما مشبهات لا يعلمها كثير من الناس) قال الخطابي: أي أنها تشتبه على بعض الناس دون بعض وليس أنها في ذوات أنفسها مشتبهة لا بيان لها في جملة أصول الشريعة، فإن الله سبحانه لم يترك شيئا يجب له فيه حكم إلا وقد جعل فيه له بيانا ونصب عليه دليلا، ولكن البيان ضربان، بيان جلي يعرفه عامة الناس، وخفي لا يعرفه إلا الخاص من العلماء. قال والدليل على صحة ما قلنا قوله عليه السلام ((لا يعلمها كثير)) وقد عقل ببيان فحواه أن بعض الناس يعرفونها وإن كانوا قليل العدد. وإذا صار معلوما عند بعضهم فليس بمشبه في نفسه انتهى مختصرا (فمن اتقى الشبهات) أي اجتنب عن الأمور المشتبهة قبل ظهور حكم الشرع فيها (استبرأ دينه وعرضه) يعني بالغ في براءة دينه من أن يختل بالمحارم، وعرضه من أن يتهم بترك الورع والسين فيه للمبالغة كما قال صاحب الكشاف في قوله تعالى (فمن كان غنيا فليستعفف) استعف أبلغ من عف كأنه طالب زيادة العفة كذا قال ابن الملك في شرح المشارق (وقع في الحرام) يعني يوشك أن يقع فيه لأنه حول حريمه.