(عبد) فاعل يلقى (بعد الكبائر التي نهى الله عنها) بمنزلة الاستثناء من أعظم الذنوب (أن يموت رجل) بدل من أن يلقاه، فإن لقاء العبد ربه إنما هو بعد الموت، ولأنك إذا قلت إن أعظم الذنوب عند الله موت الرجل (وعليه دين) استقام ورجل مظهر أقيم مقام ضمير العبد. قال الطيبي رحمه الله: فإن قلت قد سبق أن حقوق الله مبناها على المساهلة وليس كذلك حقوق الآدميين في قوله: ((يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين)) وها هنا جعله دون الكبائر فما وجه التوفيق؟ قلت: قد وجهناه أنه على سبيل المبالغة تحذيرا وتوقيا عن الدين، وهذا مجرى على ظاهره انتهى (لا يدع له قضاء) صفة لدين أي لا يترك لذلك الدين مالا يقضي به.
قال المظهر: فعل الكبائر عصيان الله تعالى، وأخذ الدين ليس بعصيان بل الاقتراض والتزام الدين جائز، وإنما شدد رسول الله صلى الله عليه وسلم على من مات وعليه دين ولم يترك ما يقضي دينه كيلا تضيع حقوق الناس انتهى كذا في المرقاة. قال العزيزي: هذا محمول على ما إذا قصر في الوفاء أو استدان لمعصية انتهى. والحديث سكت عنه المنذري.
(لا يصلي على رجل مات وعليه دين) قال القاضي رحمه الله وغيره: وامتناع النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة على المديون الذي لم يدع وفاء إما للتحذير عن الدين والزجر عن المماطلة والتقصير في الأداء أو كراهة أن يوقف دعاؤه بسبب ما عليه من حقوق الناس ومظالمهم انتهى.
(أنا أولى بكل مؤمن إلخ) في كل شئ لأني الخليفة الأكبر الممد لكل موجود، فحكمي عليهم أنفذ من حكمهم على أنفسهم، وذا قاله لما نزلت الآية (فعلي قضاؤه) مما يفيء الله به من غنيمة وصدقة، وذا ناسخ لتركه الصلاة على من مات وعليه دين وتقدم شرحه في كتاب الفرائض. قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة.