أضواء على الصحيحين - الشيخ محمد صادق النجمي - الصفحة ٢٥١
سمعت هذا من رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قال: لا. هذا من كيس أبي هريرة (1).
وبناءا على هذا الإقرار والاعتراف من أبي هريرة وأنه كان يخرج من كيسه أباطيل وأراجيف وينقلها إلى الناس على أنها قول الرسول (صلى الله عليه وآله) وسيرته، فما ندري! ولعل هذين الحديثين هما أيضا من نبع كيس أبي هريرة، والقرائن التي ذكرناها هناك - في حديث سهو النبي (صلى الله عليه وآله) - تؤيد ما أبديناه هنا.
وأما هذا الخبر، فلو كان صحيحا لرواه غير واحد من الصحابة والرواة بالتواتر، بينما لم يسمع هذا إلا من أبي هريرة وأبي بكر (2).
والعجب العجاب أن علماء أهل السنة قد بهرتهم هذه الأحاديث الموضوعة والمجعولة إلى حد أن بنوا عقائدهم وأحكام دينهم على أساس هذا النوع من المختلقات والموضوعات الهزيلة واعتبروها جميعا أحاديثا صحيحة لا تقبل الخدش والشك فيها.
وعلى هذا الأصل قال العيني في شرحه على الحديث المذكور:
ومما يستفاد من هذا الحديث جواز النسيان على الأنبياء (عليهم السلام) في أمر العبادة للتشريع (3).

(١) صحيح البخاري ٧: ٨١ كتاب النفقات باب وجوب النفقة على الأهل والعيال... وقد مر علينا آنفا في ص ١٠٠.
(٢) أخرج هذا الحديث المزور أرباب الصحاح، وقد قرأت مصادره من الصحيحين، وأما سائر الصحاح: سنن ابن ماجة ١: ٣٨٥ كتاب إقامة الصلاة باب (١٣٧) باب ما جاء في البناء في الصلاة ح ١٢٢٠، سنن النسائي ٢: ٨١ كتاب الإمامة باب الإمام يذكر بعد قيامه في مصلاه أنه على غير طهارة، وكذا رواه أحمد بن حنبل في مسنده ٢: ٢٣٧ و ٢٨٣ و ٣٣٩ و ٤٤٨ و ٥١٨. وجميع هؤلاء أخرجوا الحديث عن راو واحد ألا وهو أبو هريرة الدوسي، وأخرج أبو داود حديثا آخر غير ما رواه أبو هريرة عن أبي بكر، راجع سنن أبي داود ١: ٦٠ - ٦١ كتاب الطهارة باب في الجنب يصلي بالقوم وهو ناس ح ٢٣٣ - ٢٣٥.
(٣) عمدة القاري ٥: ١٥٦.
(٢٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 ... » »»
الفهرست