وأما بالنسبة إلى النبي (صلى الله عليه وآله) الذي خشي على نفسه، ولم يدر شيئا عما حدث له حتى أخبرته زوجته خديجة وورقة بن نوفل فاطمئن بقولهما، فزال عنه ما تداخله من الرعب والخوف، فما كانت نوعية الرسالة والنبوة التي أعطيت إليه وبعث بها؟
وبناء على هذا ولا يخفى فإن هذه المرأة - خديجة - وهذا النصراني - ورقة - كانا أنسب وأليق من رسول الله في التصدي لأمر النبوة والرسالة، وحسب ما تتضمنه الرواية من المعنى أن خديجة وورقة كانا أقدم إيمانا واعتناقا للإسلام من رسول الله.
2 - أن جواب الرسول لجبرئيل الأمين لما قال له: (اقرأ) فقال النبي (صلى الله عليه وآله): (ما أنا بقارئ). يفهم منه أن النبي لم يعلم ولم يفهم مقصود جبرئيل. لأن جبرئيل كان يقصد من قوله: (اقرأ) أي رتل وكرر ما أتلوه عليك، ولكن النبي فهم عكس هذا القول وإن مقصود جبرئيل هو أن يقرأ ما كان مكتوبا على اللوح، وعلم الرسول ما قصده الملك في المرة الثالثة لما كرر جبرئيل قوله وأنهى ما كان فيه النبي من المعضل والترديد.
ولكن يتبادر سؤال: هل أن جبرئيل كان ضعيف البيان والأداء، بحيث لا يستطيع أن يؤدي الرسالة حق الأداء؟ أم أن الرسول كان قاصر الفهم ولم يعلم المقصود؟ (1) 3 - ورد في الحديث إن الملك المنزل بالوحي أخذ النبي ثلاث مرات يهزه بشدة حتى أحس الرسول (صلى الله عليه وآله) بالوجع، وهذه الأخذة والهزة كما أشار إليها القسطلاني لم يفعل بأحد من الأنبياء (عليهم السلام) ولم ينقل عن أحدهم إنه جرى له عند ابتداء الوحي إليه مثله (2).