أضواء على الصحيحين - الشيخ محمد صادق النجمي - الصفحة ٢٤٥
وأما بالنسبة إلى النبي (صلى الله عليه وآله) الذي خشي على نفسه، ولم يدر شيئا عما حدث له حتى أخبرته زوجته خديجة وورقة بن نوفل فاطمئن بقولهما، فزال عنه ما تداخله من الرعب والخوف، فما كانت نوعية الرسالة والنبوة التي أعطيت إليه وبعث بها؟
وبناء على هذا ولا يخفى فإن هذه المرأة - خديجة - وهذا النصراني - ورقة - كانا أنسب وأليق من رسول الله في التصدي لأمر النبوة والرسالة، وحسب ما تتضمنه الرواية من المعنى أن خديجة وورقة كانا أقدم إيمانا واعتناقا للإسلام من رسول الله.
2 - أن جواب الرسول لجبرئيل الأمين لما قال له: (اقرأ) فقال النبي (صلى الله عليه وآله): (ما أنا بقارئ). يفهم منه أن النبي لم يعلم ولم يفهم مقصود جبرئيل. لأن جبرئيل كان يقصد من قوله: (اقرأ) أي رتل وكرر ما أتلوه عليك، ولكن النبي فهم عكس هذا القول وإن مقصود جبرئيل هو أن يقرأ ما كان مكتوبا على اللوح، وعلم الرسول ما قصده الملك في المرة الثالثة لما كرر جبرئيل قوله وأنهى ما كان فيه النبي من المعضل والترديد.
ولكن يتبادر سؤال: هل أن جبرئيل كان ضعيف البيان والأداء، بحيث لا يستطيع أن يؤدي الرسالة حق الأداء؟ أم أن الرسول كان قاصر الفهم ولم يعلم المقصود؟ (1) 3 - ورد في الحديث إن الملك المنزل بالوحي أخذ النبي ثلاث مرات يهزه بشدة حتى أحس الرسول (صلى الله عليه وآله) بالوجع، وهذه الأخذة والهزة كما أشار إليها القسطلاني لم يفعل بأحد من الأنبياء (عليهم السلام) ولم ينقل عن أحدهم إنه جرى له عند ابتداء الوحي إليه مثله (2).

(1) هذا الإشكال والسؤال المتبادر إلى الذهن هو مما يستخرج ويستفاد من مضمون الأحاديث المروية عند أهل السنة بما يمت إلى موضوع بدء الوحي على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأما الشيعة فتعتقد بأن المراد من الأمر بالقراءة عند نزول جبرئيل على النبي (صلى الله عليه وآله) في غار حراء هو بداية النبوة والبعثة وهذا الأمر هو انطلاقة نزول الوحي عليه وليس القراءة اللفظية كما يقال.
(2) إرشاد الساري 1: 63.
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»
الفهرست