ومتون مختلفة، وكذا أخرجه مسلم في صحيحه ضمن خمس أحاديث وورد في بعضها كلمة (الرجل)، وفي بعضها الآخر كلمة (القدم).
ولا يخفى أن في هذه الروايات - التي نقلناها إليك عن الصحيحين البخاري ومسلم اللذين يعتبران أهم المصادر عند أهل السنة بعد القرآن - دلالة تامة وواضحة على كونها من الأحاديث المزورة والموضوعة في مباحث التوحيد لأنها تحكي عن توصيف رب متحيز في مكان خاص فتارة يكون مستقر على العرش، وتارة أخرى تجده في السحاب، وتارة ثالثة تراه في جهة القبلة أمام المصلي، وأحيانا ينزل إلى السماء الدنيا وذلك في بعض الليالي الخاصة، وإنه يرى كما ترى الأجسام المادية، ويضحك، وله أعضاء وجوارح كما للإنسان أعضاء وجوارح.
فحينئذ فهل يعقل أن يتخذ مثل هذا الموجود ربا وإلها؟!!
فكما أن الدلائل النقلية تنفي التسليم والانقياد لمثل هذا الموجود فكذلك البراهين العقلية والفلسفية تأبى قبول هذا الرب المحتاج والمحدود والذي له آثار وعلامات المخلوقين - لا الخالق والصانع - ولا يقبل العقل أن يتعبد لمثل هذا الموجود كرب وإله وخالق.
ولعل يوجد بعض من لم تكن له معرفة بعقائد أهل السنة وآراء علمائهم ومحدثيهم في مسألة التوحيد فينتقدنا ويورد إشكاله علينا قائلا: إن جميع الأقوال والآيات والأحاديث تحتمل التوجيه والتأويل، إذن فما الداعي أن تكون هذه الأحاديث التي رويتموها عن كتب أهل السنة مما تقبل التأويل والتوجيه؟ ولماذا لا تلتزمون بهذه الطريقة ولم تأولوا هذه الأحاديث إلى معان يتقبلها العقل؟
وأما الإجابة عن هذه الأسئلة نقول: إن في هذه الأحاديث أسبابا وعللا عديدة تمنعنا من أن نأولها ونبررها وفي الحين ذاته أن هذه الأسباب قد غلقت جميع الطرق والمحاولات لتبرير وتوجيه تلكم الأحاديث. ولأن:
أولا: إن عملية التأويل والتوجيه تتم لو حصل المعارض والمخالف بينما لا نرى