ما ظهر، إذ جاءته امرأة من ترمذ كانت تجالس جهما، فدخلت الكوفة، فأظنني أقل ما رأيت عليها عشرة آلاف نفس فقيل لها: إن هاهنا رجلا قد نظر في المعقول، يقال له أبو حنيفة فأتيه، فأتته فقالت: أنت الذي تعلم الناس المسائل وقد تركت دينك؟ أين إلهك الذي تعبده؟ فسكت عنها، ثم مكث سبعة أيام لا يجيبها، ثم خرج إلينا وقد وضع كتابا:
إن الله عز وجل في السماء دون الأرض، فقال له رجل: أرأيت قول الله عز وجل (وهو معكم) قال: هو كما تكتب إلى الرجل: إني معك وأنت غائب عنه.
قال: ثم قال البيهقي: لقد أصاب أبو حنيفة (رحمه الله) فيما نفى عن الله عز وجل من الكون في الأرض، وأصاب فيما ذكر من تأويل الآية وتبع مطلق السمع بأن الله تعالى في السماء (1).
وثالث أئمة أهل السنة الإمام مالك بن أنس كان يرى هذا الرأي أيضا. روى عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه الإمام أحمد بن حنبل قال: قال مالك بن أنس: الله في السماء، وعلمه في كل مكان، ولا يخلو منه شئ (2).
ورابعهم الإمام الشافعي كان على هذا المعتقد أيضا، روى شيخ الإسلام أبو الحسن الهكاري والحافظ أبو محمد المقدسي بإسنادهم إلى أبي ثور وأبي شعيب، كلاهما عن الإمام محمد بن إدريس الشافعي ناصر الحديث (رحمه الله) تعالى قال: القول في السنة التي أنا عليها ورأيت عليها الذين رأيتهم مثل سفيان ومالك وغيرهما إقرار بشهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وأن الله على عرشه في سمائه يقرب من خلقه كيف شاء وينزل إلى السماء الدنيا كيف شاء.... وذكر سائر الاعتقاد.
ومما جاء في وصية الإمام الشافعي إنه يشهد أن لا إله إلا الله، فذكر الوصية بطولها