رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى لا يصدهم بذلك عن القرآن، وإذا علم بأن أحدا منهم لم يتجاوب معه في هذا الأمر، يأمره بالشخوص إلى المدينة ويفرض عليه الرقابة الشديدة (1). هذا بالإضافة إلى أنه أباد حرقا بالنار جميع الأحاديث التي دونها هو والناس.
وعندما توفي عمر والوضع ما زال على ما كان عليه من التحريم - نقلا وتدوينا -، وتولى الخلافة بعده عثمان بن عفان وذلك ضمن خطة مدروسة (2).
وفي عهد الخليفة عثمان اشتد الوطيس على الحديث، فلو كان الخليفة عمر يؤذي رواة حديث النبي (صلى الله عليه وآله) ويصيرهم تحت الرقابة الشديدة، ويحرق ما كتبوه من الأحاديث، ولكن عثمان اتخذ أسلوبا آخر للمنع من رواية أحاديث الرسول وتدوين سيرة النبي (صلى الله عليه وآله)، فإنه كان يعذب الرواة، ويقصيهم عن المدينة، كما حصل ذلك لأبي ذر الغفاري، حيث إنه أقصي من المدينة إلى الشام، ثم إلى المدينة ثانيا، وثم إلى صحراء ربذة، فمات هذا الصحابي الجليل في تلك البقعة الحارقة غريبا وهكذا عاش وحيدا. وكذلك ضرب عثمان عمار بن ياسر صحابي رسول الله حتى وقع على الأرض مغشيا عليه (3).
وهكذا عاش أصحاب رسول الله والتابعين المخلصين خمسة وعشرين سنة تحت وطأة ضغوطات الخلفاء حتى ثارت ثائرتهم ونهضوا جميعهم وأطاحوا بعثمان وقتلوه، وبعد ذلك أجبروا الإمام علي (عليه السلام) على القيام بالأمر وأصروا عليه بقبول الخلافة. فلما نهض الإمام علي (عليه السلام) بالأمر كان المسلمون قد أنسوا سيرة الخلفاء وذابوا فيها مدة ربع قرن.
ويصف الإمام علي (عليه السلام) الظروف التي عاشها فيقول: (4)