نبينا محمد صلى الله عليه وآله ولما ولد صلى الله عليه وآله آمنا به وبما جاء به، لأنهم سمعوا من علماء عصرهم أنه يأتي رسول في الحجاز من قريش أن أبويه يموتان ويبقى يتيما في حجر جده وعمه إلى أن يبعث، فلذلك ما زالا يخبران الناس أنه صلى الله عليه وآله له نبأ عظيم، وكانا يأمران أولادهما وأقرباءهما باتباعه، وكانا يصران على ذلك، كما تقدم فيما ذكرناه من وصاياهما عليهما السلام، وحيث أنهما آمنا بالله وبرسوله صلى الله عليه وآله وماتا على ذلك كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يخبر عن حالهما في الآخرة، وكان بين لأصحابه علو مقامهما في الآخرة، فإليك بعض ذلك:
ففي كتاب (الدر المنثور ج 6 ص 409) طبع مصر سنة 1314 ه خرج بسنده عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم: بعثت ولي أربعة عمومة، فأما العباس فيكنى بابي الفضل إلى يوم القيامة، وأما حمزة فيكنى بابي بعلى فأعلى الله قدره في الدنيا والآخرة، وأما عبد العزى فيكنى بابي لهب فادخله الله النار وألهبها عليه وأما عبد مناف فيكنى بابي طالب فله ولولده المطاولة والرفعة إلى يوم القيامة.
(قال المؤلف) تأمل في الحديث تعرف الحق وتعرف أحوال أعمام النبي صلى الله عليه وآله بما بينه وصرح به صلى الله عليه وآله، فإنه مدح المؤمنين منهم ودعا على الكافرين منهم، فلو كان أبو طالب عليه السلام مشركا كأبي لهب لدعا عليه وذمه فإنه صلى الله عليه وآله كان في بياناته مبينا للحق والصواب لم يراع القرابة، فلو كان يراعي القرابة لما ذم أبا لهب ودعا عليه بما تقدم، وفي كتاب شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد الشافعي (ج 14 ص 68 طبع ثاني) قال احتجوا في اسلام آباء النبي صلى الله عليه