وأولاده وماله حتى انتشر الدين الاسلامي والشريعة المحمدية، فان من المعلوم الواضح المحقق أن والدي النبي صلى الله عليه وآله كانا مؤمنين لقوله تعالى (وتقلبك في الساجدين) فالساجد لله لا يكون إلا مؤمنا موحدا وإن أخاه من الرضاعة وهو ابن حليمة السعدية كان مسلما مؤمنا حتى مات، وكذلك عمه وناصره وكافله أبو طالب عليه السلام كان مؤمنا موحدا بتصريحاته في أقواله شعرا ونثرا، والشاهد على ذلك أقواله (ع) القيمة في وصيته عند موته لأولاده وعشيرته من قريش وغيرهم، واليك ما أوصى به أبو طالب عليه السلام وذكره الحلبي في سيرته (ج 1 383) وذكره أيضا صاحب تاريخ الخميس (ج 1 ص 339) قال: إن أبا طالب لما حضرته الوفاة جمع إليه وجهاء قريش فأوصاهم، وكان من وصيته أن قال: يا معشر فريش أنتم صفوة الله من خلقه، وقلب العرب، فيكم المطاع، وفيكم المقدم الشجاع، والواسع الباع، لم تتركوا للعرب في المآثر نصيبا إلا أحرزتموه، ولا شرفا إلا أدركتموه، فلكم بذلك على الناس الفضيلة، ولهم به إليكم الوسيلة، أوصيكم بتعظيم هذه البنية (أي الكعبة) فان فيه مرضاة للرب، وقواما للمعاش، صلوا أرحامكم ولا تقطعوها، فان في صلة الرحم منشأة (أي فسحة) في الاجل (أي سبب لطول العمر) وزيادة في العدد، واتركوا البغي والعقوق ففيهما هلكت القرون قبلكم، أجيبوا الداعي، وأعطوا السائل، فان فيهما شرف الحياة والممات، وعليكم بصدق الحديث، وأداء الأمانة، فان فيهما محبة في الخاص ومكرمة في العام، وإني أوصيكم بمحمد خيرا، فإنه الأمين في قريش، وهو الصديق في العرب، وهو الجامع لكل ما أوصيكم به وقد جاء بأمر قبله الجنان وانكره اللسان مخافة الشنئان (أي البغض) (وهو لغة في الشناآن) وأيم الله كأني أنظر إلى صعاليك العرب
(١٣٣)