وهو الجامع لكل ما أوصيتكم به، وقد جاءنا بأمر قبله الجنان وانكره اللسان مخافة الشنآن، وأيم الله كأني أنظر إلى صعاليك العرب، وأهل الأطراف والمستضعفين من الناس قد أجابوا دعوته، وصدقوا كلمته وعظموا أمره، فخاض بهم غمرات الموت، فصارت رؤساء قريش وصناديدها أذنابا، ودورها خرابا، وضعفاؤها أربابا، وإذا أعظمهم عليه أحوجهم إليه، وأبعدهم منه أحظاهم عنده، قد محضته العرب ودادها وأعطته قيادها، يا معشر قريش كونوا له ولاة، ولحزبه حماة.
(قال): وفي رواية، دونكم ابن أبيكم كونوا له ولاة، ولحزبه حماة، والله، لا يسلك أحد سبيله إلا رشد، ولا يأخذ أحد بهديه إلا سعد، ولو كان لنفسي مدة ولأجلي تأخير لكففت عنه الهزاهز، ولدفعت عند الدواهي.
(قال المؤلف): لو لم ينقل من أبي طالب عليه السلام غير هذه الوصية لكفى في إثبات إيمانه وعلو شأنه ومقامه، وهل الاسلام والايمان غير ما بين عليه السلام؟ في وصيته، وهل ما جاء به ابن أخيه صلى الله عليه وآله غير ما أمر به ووصى به العرب وعشيرته؟
ومن تفكر وتدبر في هذه الوصية حق التدبر عرف أن أبا طالب عليه السلام كان يعرف المغيبات مما يكون بعد موته من الحروب والانتصارات التي يراها ابن أخيه صلى الله عليه وآله وأعوانه وأنصاره.
(قال المؤلف) وخرج ابن دحلان أيضا بهامش سيرة الحلبي في سيرته (ج 1 ص 100) ما هذا معناه قال: وقال أبو طالب في وصيته إلى العرب وبني هاشم: لن تزالوا بخير ما سمعتم من محمد وما اتبعتم أمره