القذف من الثلاثة كان قد تقدم، وأنهم لو لم يعيدوا الشهادة لكان يحدهم لا محالة فغير معروف، والظاهر المروي خلافه، وهو أنه حدهم عند نكول زياد عن الشهادة، وأن ذلك كان السبب في ايقاع الحد بهم.
(قال السيد قدس سره): وتأوله عليه (قول عمر) لقد خفت أن يرميني الله بحجارة من السماء، لا يليق بظاهر الكلام (أي كلام عمر) لأنه يقتضي التندم والتأسف على تفريط وقع، ولم يخاف أن يرمى بالحجارة وهو لم يدرأ الحد عن مستحقه له.
ولو أراد الردع والتخويف للمغيرة لاتى بكلام بليق بذلك، ولا يقتضي إضافة التفريط إلى نفسه، وكونه واليا من قبله لا يقتضي ان يدرأ عنه الحد، ويعدل به إلى غيره.
(قال السيد قدس سره): وأما قوله إنا ما كنا نعلم أن زيادا كان يتمم الشهادة، فقد بينا أن ذلك كان معلوما بالظاهر، ومن قرأ ما روي في هذه القصة، علم بلا شك أن حال زياد كحال الثلاثة في أنه إنما حضر للشهادة وإنما عدل عنها لكلام عمر (أي قوله أرى رجلا أرجو أن لا يفضح الله به رجلا من أصحاب رسول الله) كما في (تاريخ أبي الفداء ج 1 ص 171) وغيره.
(قال السيد قدس سره): وقوله: إن الشرع يبيح السكوت ليس بصحيح لان الشرع قد حظر كتمان الشهادة.
(قال السيد قدس سره): فاما استدلاله على أن زيادا لم يفسق بالامساك عن الشهادة بتولية أمير المؤمنين عليه السلام له فارس، فليس بشئ يعتمد، لأنه لا يمتنع أن يكون قد تاب بعد ذلك، فأظهر توبته لأمير المؤمنين عليه السلام فجاز أن يوليه.
(قال السيد قدس سره): وقد كان بعض أصحابنا يقول في قصة