حين عرفت أن أبا طالب قد أبى خذلان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وإسلامه إليهم، ورأوا جماعة على مفارقتهم وعداوتهم مشوا إليه بعمارة بن الوليد بن المغيرة المخزومي وكان أجمل فتى في قريش فقالوا له: يا أبا طالب هذا عمارة بن الوليد أبهى فتى في قريش وأجمله فخذه إليك. فاتخذه ولدا فهو لك، وسلم لنا هذا ابن أخيك الذي قد خالف دينك ودين آبائك، وفرق جماعة قومك لنقتله فإنما هو رجل برجل، فقال أبو طالب: والله ما أنصفتموني، تعطوني ابنكم أغذوه لكم وأعطيكم ابني تقتلونه؟ هذا والله ما يكون أبدا، فقال له المطعم بن عدي بن نوفل وكان صديقا مصافيا والله يا أبا طالب ما أراك تريد أن تقبل من قومك شيئا، لعمري قد جهدوا في التخلص مما تكره، وأراك لا تنصفهم، فقال أبو طالب: والله ما أنصفوني ولا أنصفتني، ولكنك قد أجمعت على خذلاني، ومظاهرة القوم علي فاصنع ما بدا لك.
(قال المؤلف) إلى هنا ذكر ابن أبي الحديد القضية وترك أشعار أبي طالب عليه السلام.
(ومنهم) ابن هشام فإنه خرج ما خرجه ابن أبي الحديد مع اختلاف في بعض ألفاظه، وفيه زيادة لا تغير المعنى فالأولى تركه فمن أراد ألفاظه فليراجع سيرة ابن هشام (ج 1 ص 245 طبع مصر سنة 1329 ه) ثم قال ابن هشام في سيرته بعد قوله لمطعم: فاصنع ما بدا لك أو كما قالوا قال: فحقب الامر وحميت الحرب وتنابذ القوم وبادى بعضهم بعضا فقال أبو طالب عند ذلك يعرض بالمطعم بن عدي ويعم من خذله من عبد مناف ومن عاداه من قبائل قريش ويذكر ما سألوه وما تباعد من أمرهم.