قد ابتليتم بها، فانظروا، فنظروا حتى أثبتوا (أي تيقنوا بما فعل المغيرة) فنزل أبو بكرة، فجلس حتى خرج عليه المغيرة من بيت المرأة فقال أبو بكرة إنه قد كان من أمرك ما قد علمت فاعتزلنا، فذهب المغيرة وجاء ليصلي بالناس الظهر، فمنعه أبو بكرة، وقال: لا والله لا تصلي بنا، وقد فعلت ما فعلت، فقال الناس: دعوه فليصل، إنه الأمير واكتبوا إلى عمر، فكتبوا إليه فورد كتابه أن يقدموا عليه جميعا: المغيرة والشهود.
(قال أبو الفرج): وقال المدائني في حديثه: فبعث عمر بابي موسى وعزم عليه ألا يضع كتابه من يده حتى يرحل المغيرة.
(قال أبو الفرج) وقال علي بن أبي هاشم في حديثه: إن أبا موسى قال لعمر لما أمره أن يرحل المغيرة من وقته: أو خير من ذلك يا أمير المؤمنين تتركه فيتجهز ثلاثا ثم يخرج.
(قالوا): وجاء أبو موسى حتى دخل على المغيرة ومعه صحيفة ملء يده فلما رآه قال أمير فأعطاه أبو موسى الكتاب فلما ذهب يتحرك عن سريره قال له: مكانك تجهز ثلاثا.
(قال أبو الفرج): وقال آخرون: إن أبا موسى أمره أن يرتحل من وقته، فقال المغيرة قد علمت ما وجهت له، فألا تقدمت وصليت فقال: ما أنا وأنت في هذا الامر إلا سواء، فقال المغيرة: إني أحب أن أقيم ثلاثا لا تجهز، فقال أبو موسى: قد عزم علي أمير المؤمنين ألا أضع عهدي من يدي، إذا قرأته حتى أرحلك إليه، قال إن شئت شفعتني وأبررت قسم أمير المؤمنين بان تؤجلني إلى الظهر وتمسك الكتاب بيدك.
(قالوا): فلقد رئي أبو موسى مقبلا ومدبرا، وإن الكتاب في يده معلق بخيط، فتجهز المغيرة وبعث إلى أبي موسى، بعقيلة جارية