ما فعل، فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره، إلا أن يقول قائل: أبو بكر ثم ملك أخو عدي، فاجتهد وشمر عشر سنين، فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره، إلا أن يقول قائل: عمر، وإن ابن أبي كبشة ليصاح به كل يوم خمس مرات: أشهد أن محمدا رسول الله: فأي عمل يبقى، وأي ذكر يدوم بعد هذا لا أبا لك، لا والله الا دفنا دفنا (ثم قال ابن أبي الحديد الشافعي):
وأما أفعاله (أي أفعال معاوية) المجانبة للعدالة الظاهرة، من لبسه الحرير، وشربه في آنية الذهب والفضة، حتى أنكر عليه أبو الدرداء فقال له: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يقول:
إن الشارب فيهما ليجرجر في جوفه نار جهنم: فقال معاوية: أما أنا فلا أرى بذلك بأسا، فقال أبو الدرداء: من عذيري من معاوية، أنا أخبره عن الرسول صلى الله عليه (وآله) وسلم وهو يخبرني عن رأيه، لا أساكنك بأرض أبدا (ثم قال ابن أبي الحديد):
نقل هذا الخبر المحدثون والفقهاء في كتبهم. في باب الاحتجاج على أن خبر الواحد معمول به في الشرع، وهذا الخبر يقدح في عدالته (أي عدالة معاوية) كما يقدح أيضا في عقيدته، لان من قال في مقابلة خبر قد روي عن رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم: أما أنا فلا أرى به بأسا فيما حرمه رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم، ليس بصحيح العقيدة، ومن المعلوم أيضا من حاله (أي من حال معاوية) استئثاره بمال الفئ، وضربه من لا حد له، واسقاطه الحد عمن يستحق إقامة الحد عليه، وحكمه برأيه في الرعية، وفي دين الله، واستلحاقه زيادا وهو يعلم قول رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر، وقتله حجر بن عدي وأصحابه ولم يجب عليهم القتل