قضية أخرى فيها دلالة على أن أبا طالب عليه السلام كان مؤمنا بالواحد الاحد، وبالرسول الأمجد، ابن أخيه محمد صلى الله عليه وآله وهذا نصه:
أخرج ابن عساكر عن أبي الزناد قال: اصطرع أبو طالب وأبو لهب فصرع أبو لهب أبا طالب وجلس على صدره، فمد النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم بذؤابة أبي لهب والنبي صلى الله عليه (وآله) وسلم يومئذ غلام فقال له أبو لهب أنا عمك وهو عمك فلم أعنته علي؟ قال:
لأنه أحب إلي منك، فمن يومئذ عادى أبو لهب النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم واختبأ له هذا الكلام في نفسه.
(قال المؤلف): تأمل في هذه القضية وفيما تقدم عليها لترى شدة محبة النبي صلى الله عليه وآله لعمه أبي طالب كما ترى محبة أبي طالب عليه السلام لابن أخيه رسول الله صلى الله عليه وآله فهل يمكن أن يحب رسول الله صلى الله عليه وآله من حاد الله وأشرك به وعبد الأصنام؟ وقد جاء في القرآن الكريم: " لا تجد قوما يؤمنون بالله يوادون من حاد الله " (الآية) فهل يمنع الله من محبة من حاد الله والنبي صلى الله عليه وآله يود من حاد الله؟ فليس هذا بمعقول، فمحبة النبي صلى الله عليه وآله لعمه أبي طالب كان في محله وإنما كان يحبه لايمانه وإسلامه غير أنه عليه السلام كان لا يظهر ذلك لمصلحة الوقت ولكي يتمكن من حفظ النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحفظ من أسلم وآمن به فحاله عليه السلام كحال مؤمن آل فرعون حيث كتم إيمانه.
(قال المؤلف) ومما يمكن الاستدلال به على علو مقام مؤمن قريش وإيمانه وإن كان عليه السلام أخفى ذلك لمصلحة الوقت كما أخفى