ولم ير ناصرا التجأ إلى أبي طالب عليه السلام فأجاره وقام بنصرته أحسن قيام، فلما أجاره ودافع عنه جاءت إليه رجال من المشركين وقالوا:
يا أبا طالب أنك نصرت ابن أخيك محمدا فما بالك تنصر أبا سلمة فأجابهم عليه السلام إنه استجار بي وهو ابن أختي (وذلك لان أم أبي طالب عليه السلام مخزومية) وإن أنا لم أمنع ابن أختي، لم امنع ابن أخي فيرتفع للغط صدى، ويعلو للجدل صوت، ويخشى الوفد الفتنة فيخاف وخيم العاقبة، فيعود فارغ اليد، مغلوبا على أمره، فاشل المسعى.
قال: وإذ رأى أبو طالب أن أبا لهب قد قال كلمة في هذه الحادثة في جانب أبي طالب، فقد طمع فيه أبو طالب وراح يدعوه لنصرة الرسول وأن يقف إلى جانبه في حماية الدين الجديد كما هو واقف، فراح يدعوه لذلك، في قطعتين من شعره.
(قال المؤلف) إن العلامة الخنيزي ذكر الواقعة بالمعنى ولم يذكر ألفاظهم، ولو ذكر ألفاظهم كان أوقع وأصرح، واليك قول ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (ج 3 ص 306 طبع أول، وفي ج 14 ص 56 طبع ثاني) في نفس القضية.
قال محمد بن إسحاق، فلم يؤثر عن أبي لهب خير قط، إلا ما روي أن أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي لما وثب عليه قومه ليعذبوه ويفتنوه عن الاسلام هرب منهم، فاستجار بأبي طالب، وأم أبي طالب مخزومية وهي أم عبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وآله فأجاره فمشى إليه رجال من بني مخزوم، وقالوا له يا أبا طالب، هبك منعت منا ابن أخيك محمدا، فما لك ولصاحبنا تمنعه منا؟ قال: إنه استجار بي وهو ابن أختي، وإن أنا لم أمنع ابن أختي لم أمنع ابن أخي، فارتفعت أصواتهم وأصواته، فقام أبو لهب ولم ينصر أبا طالب قبلها ولا بعدها