بصدق وحق، ثم يحذره الكفر في قوله (لا تكن حمز كافرا) ثم يقول له (وقد سرني إذ قلت: إنك مؤمن) أفتراه يسر لأخيه بالايمان ويختار لنفسه الكفر الموجب لغضب الجبار والخلود في النار؟ وهل يتصور مثل هذا من ذي عقل، ثم يأمره بنصرة النبي صلى الله عليه وآله ويدعو له بالتوفيق لنصرته في قوله (وكن لرسول الله وفقت ناصرا) ثم يأمره بكشف أمره وإذاعة سره في قوله (وناد قريشا بالذي قد أتى به. جهارا) أي لا تخفي ذلك (وقل ما كان أحمد ساحرا) كما زعمتم، بل كان نبينا صادقا، وإن رغمتم، فهل يعلم الاسلام بشئ أبين من هذا.
(ومنهم) العلامة ابن شهرآشوب فقد خرج الأبيات في كتابه (المناقب (ج 1 ص 43 ط 2) وذكر أولا سبب انشاد أبي طالب عليه السلام لهذه الأبيات، وذكر سبب اسلام حمزة عليه السلام أيضا، وهذا نص ألفاظه:
(مقاتل) أي خرج مقاتل، وقال: لما رأت قريش يعلو أمره (أي أمر النبي صلى الله عليه وآله) قالوا: لا نرى محمدا يزداد الا كبرا وتكبرا، وإن هو إلا ساحر أو مجنون، وتوعدوه، وتعاقدوا لئن مات أبو طالب ليجمعن قبائل قريش كلها على قتله، وبلغ ذلك أبا طالب، فجمع بني هاشم، وأحلافهم من قريش فوصاهم برسول الله صلى الله عليه وآله وقال: إن ابن أخي كما يقول، وأخبرنا بذلك آباؤنا، أن محمدا نبي صادق، وأمين ناطق، وإن شأنه أعظم شأن، ومكانه من ربه أعلى مكان، فأجيبوا دعوته واجتمعوا على نصرته وراموا عدوه من وراء حوزته، فإنه الشرف الباقي لكم مدى الدهر وأنشأ يقول):
أوصي بنصر النبي الخير مشهده * عليا ابني وعم الخير عباسا