معارضة لعلماء أهل ملته وطريقته، فقال في توجيه الحديث الذي سنده غير سالم من المطعونين وهو حديث الضحضاح المعروف: ليس من شأن من على الكفر أن يكون في ضحضاح من النار، بل شأنه أن يكون في الدرك الأسفل من النار، فقبول الشفاعة فيه حتى صار في ضحضاح دليل على عدم كفره، إذ لا تقبل في الكافر شفاعة الشافعين، قال الله تبارك وتعالى في سورة المدثر آية (42) (في جنات يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين فما تنفعهم شفاعة الشافعين).
فعلى قول من يقول بأن أبا طالب مات على غير إيمان وأنه ترك الصلاة والعبادة مع ابن أخيه رسول الله صلى الله عليه وآله: بنص القرآن لا تنفعه شفاعة أي شافع (قال): وقوله في الحديث المنسوب إلى النبي صلى الله عليه وآله (لولا أنا كان في الدرك الأسفل من النار) معناه لولا أن الله هداه بي للايمان لمات كافرا وكان في الدرك الأسفل من النار: (فالحديث يثبت ايمانه لا كفره كما تخيله بعض الجهال) (قال): فقوله صلى الله عليه وآله هذا نظير قوله صلى الله عليه (وآله) وسلم في ولد اليهودي الذي زاره النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم في مرضه وعرض عليه الاسلام فاسلم ومات (فقال صلى الله عليه وآله وسلم): الحمد لله الذي أنقذه بي من النار.
(قال): وحينئذ ظهر لنا معنى لطيف في هذا الحديث الآخر (أيضا) وهو أنه كان (أبو طالب عليه السلام) في غمرات من النار فشفعت له فاخرج إلى ضحضاح منها، وهو أن المعنى، كان (أبو طالب عليه السلام) مشرفا على دخول الغمرات حيث أبى أن يشهد ثم تشفعت