يوضع لأبي طالب وسادة يجلس عليها فجاء النبي صلى الله عليه وآله فجلس عليها فقال: إن ابن أخي ليحس بنعيم أي بشرف عظيم (قال):
وكان أبو طالب يحبه حبا شديدا لا يحب أولاده كذلك، ولذا كان لا ينام إلا إلى جنبه، ويخرج به متى خرج (من مكة) قال:
وقد أخرج ابن عساكر عن جلهمة بن عرفطة، قال: قدمت مكة وهم في قحط وشدة من احتباس المطر عنهم، فقائل منهم يقول: اعمدوا اللات والعزى، وقائل منهم يقول، اعمدوا مناة الثالثة الأخرى، فقال شيخ وسيم حسن الوجه جيد الرأي: أنى تؤفكون وفيكم باقية إبراهيم وسلالة إسماعيل، قالوا: كأنك عنيت أبا طالب، فقال أيها فقاموا بأجمعهم، فقمت معهم فدققنا الباب عليه فخرج إلينا، فثاروا إليه فقالوا: يا أبا طالب أقحط الوادي، وأجدب العيال، فهلم فاستسق إلينا فخرج أبو طالب، ومعه غلام (وهو النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم) كأنه شمس دجن (تجلت عنه سحابة) قتماء، وحوله أغيلمة فاخذه أبو طالب فالصق ظهر الغلام بالكعبة، ولاذ الغلام (أي أشار) بإصبعه إلى السماء كالمتضرع الملتجئ وما في السماء قزعة، فاقبل السحاب من هاهنا وهاهنا واغدودق الوادي أي أمطر وكثر قطره، وأخصب النادي والبادي وفي هذا يقول أبو طالب يذكر قريشا حين تمالؤا على أذيته صلى الله عليه (وآله) وسلم، بعد البعثة، يذكرهم يده وبركته عليهم من صغره:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للأرامل يلوذ به الهلاك من آل هاشم * فهم عنده في نعمة وفواضل (قال صاحب السيرة): فهذا الاستسقاء شاهده أبو طالب فقال الأبيات بعد مشاهدته (إياها)، وقد شاهده مرة أخرى قبل هذه، فروى الخطابي، حديثا فيه: إن قريشا تتابعت عليهم سنو جدب في حياة