مؤمن آل فرعون شهادة أخيه العباس عليهما السلام بأنه أتى بما طلبه منه ابن أخيه محمد صلى الله عليه وآله وهو التكلم بالشهادتين وإنما طلب صلى الله عليه وآله منه ذلك على فرض صحة الرواية ليكون آخر كلامه عليه السلام الشهادتين فإنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من كان آخر كلامه الشهادتين دخل الجنة) فلأجل أن يكون عليه السلام مشمولا لهذا الحديث الشريف ولغير ذلك طلب من عمه أن يصرح بالشهادتين ووعده أن يشفع له يوم القيامة حتى يرفع مقامه في الآخرة ويصل إلى درجة الأنبياء والمرسلين بشفاعته، ولذلك قال صلى الله عليه وآله وحلف على ذلك فقال (لاشفعن فيك شفاعة يعجب لها الثقلان) يقصد صلى الله عليه وآله بذلك الشفاعة التي بواسطتها يتمكن من الكون معه وفي درجته بشفاعته، وإنما وعده أن يشفع له تلك الشفاعة وفاء لما قام به عليه السلام من بذل نفسه ونفيسه في حفظه حتى تمكن من نشر دعوته، وتمكن صلى الله عليه وآله وسلم بحمايته مقابلة المشركين وصرفهم عما كانوا عليه من عبادة الأصنام، واعتنقوا الاسلام، وإليك ما أخبر به العباس رضي الله عنه من أخيه أبي طالب شيخ الأبطح وسيد قريش ورئيسهم المطاع وبما تكلم به عند وفاته، وقد ذكر ذلك جماعة من علماء أهل السنة (منهم) ابن هشام في سيرته (ج 2 ص 21) قال: قال ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن معبد، عن بعض أهله، عن ابن عباس، قال: مشوا إلى أبي طالب فكلموه، وهم أشراف قومه، عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة وأبو جهل بن هشام، وأمية بن خلف، وأبو سفيان بن حرب، في رجال من أشرافهم، فقالوا يا أبا طالب إنك منا حيث قد علمت، وقد حضرك ما ترى، وقد علمت الذي بيننا وبين ابن أخيك، فادعه فخذ له منا
(١٧٢)