سيد الخلق وأشرف البرية تحكم بأنه لم يؤمن بالله ولم يكن مسلما مع ما ظهر منه من الأقوال والافعال المثبتة لايمانه واسلامه؟ تأمل في كلام هذا الفاضل كيف يأمر بان يسكت عن إظهار الحقايق، وتعليم الناس بما يجهلون به، وبما أشكل عليهم معرفته معرفة صحيحة لاختلاف الناس فيه بحيث قدم الباطل وأخذ به وأخفى الحق لدواع زمانية وملاحظات دنيوية (يريدون ليطفؤا نور الله بأفواههم والله متم نوره).
(اعتراف سيد قريش العباس بن عبد المطلب عليه السلام بان أخاه أبا طالب أتى بالشهادتين قبل موته وعندما طلب منه النبي صلى الله عليه وآله ذلك منه) قال السيد زيني دحلان الشافعي في أسنى المطالب (ص 25 طبع طهران) لما تقارب من أبي طالب الموت نظر إليه العباس فرآه يحرك شفتيه فأصغى إليه بأذنه، فسمع منه الشهادة فقال للنبي صلى الله عليه (وآله) وسلم: يا بن أخي والله لقد قال أخي الكلمة التي أمرته بها (قال) ولم يصرح العباس بلفظ لا إله الا الله لكونه لم يكن أسلم حينئذ.
(قال): وبعضهم ضعف هذا الحديث (فقال): فعلى تسليم عدم الاعتداد بنطقه هذا وأن الحديث ضعيف فنقول (إنه عليه السلام غير مؤمن باعتبار أحكام الدنيا) وأما عند الله فهو مؤمن ناج ممتلئ قلبه ايمانا بدليل ما تقدم (من أفعاله وأقواله في الشعر والنثر).
(ثم قال): وإنه يمكن أن عدم نطقه بحضور أبي جهل وعبد الله ابن أمية، حرصا منه على بقاء الحفظ للنبي صلى الله عليه (وآله) وسلم وصيانته من أذيتهم له بعد وفاته، فلا ينال النبي منهم أذى (قال):
وإذا كان هذا قصده كان معذورا، فتكون إجابته لهما بما أجابهم به مداراة لهما لئلا ينفرهما، خشية أن يؤذوا رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم بعد وفاته.