وأكملها، إذ هو الهادي من ظلمات الجهالة، المنقذ من لجج الضلالة، الذي توضع لطالبه أجنحة الملائكة الأبرار، ويستغفر له الطير في الهواء والحيتان في البحار، ويفضل نوم حامله على عبادة العباد، ومداده على دماء الشهداء يوم المعاد.
ولا ريب أن علم الحديث أشرف العلوم وأوثقها عند التحقيق، بل منه يستفيد أكثرها - بل كلها - صاحب النظر الدقيق، فهي ببذل العمر النفيس فيه حقيق.
وكيف لا؟ وهو مأخوذ عن المخصوصين بوجوب الاتباع، الجامعين لفنون العلم بالنص والاجماع، المعصومين عن الخطأ والخطل، المنزهين عن الخلل والزلل.
فطوبى لمن صرف فيه نفيس الأوقات، وأنفق في تحصيله بواقي الأيام والساعات، وطوى لأجله وثير مهاده، ووجه إليه وجه سعيه وجهاده، ونأى عما سواه بجانبه، وكان عليه اعتماده في جميع مطالبه، وجعله عماد قصده ونظام أمره، وبذل في طلبه وتحقيقه جميع عمره، فتنزه (1) قلبه في بديع رياضه، وارتوى صداه من نمير حياضه، واستمسك في دينه بأوثق الأسباب، واعتصم بأقوال المعصومين عن الخطاء والارتياب.
وقد كنت كثيرا ما أطالب فكري وقلمي، وأستنهض عزماتي وهممي، إلى تأليف كتاب كافل ببلوغ الامل، كاف في العلم والعمل، يشتمل على أحاديث المسائل الشرعية، ونصوص الأحكام الفرعية، المروية في الكتب المعتمدة الصحيحة. التي نص على صحتها علماؤنا نصوصا صريحة، يكون مفزعا لي في مسائل الشريعة، ومرجعا يهتدي به من شاء من الشيعة،