أكثر مما استفاد مني (1).
وليس (فخر المحققين) ممن يلقي الكلام على عواهنه، ولا يحسب حسابا لما يقول، ولما يقال عنه بعد، فقد لمح في تلميذه من النبوغ والألمعية ما دعاه إلى كل هذا الثناء والاحتفاء.
وقد عرف التلميذ الشاب مكانته من قلب أستاذه الكبير وإيثاره له بكل شئ، وحفاوته البالغة به، فلازمه في دروسه وأبحاثه ومجالسه وهو بعد شاب لم يتجاوز الثامنة عشرة، ودرس عليه أبوابا كثيرة.
يقول مؤلف الروضات: وقد كان معظم اشتغاله في العلوم عند فخر المحققين ابن العلامة (2).
ومن ذلك يعلم أن التلميذ الشاب لم يفارق أستاذه الكبير حتى لمس فيه أستاذه النضج الفكري الكافي، وحتى لمح في نظراته وآرائه ملامح الاستقلال بالرأي والاجتهاد.
وقد استجاز أستاذه الكبير في رواية الحديث، وكتب المتقدمين فأجازه أكثر من مرة:
أجازه مرة بداره بالحلة سنة 751 ه، وفي هذا التاريخ كان عمر الشهيد 17 سنة فقط.
وأجازه مرة أخرى بداره بالحلة سنة 758 ه.
وأجازه مرة ثالثة بالمكان المتقدم.
وكان التلميذ الشاب يقدر بدوره أستاذه الكبير وبحله كلما أتته مناسبة للتقدير والتجليل، ينوه بشأنه وجلالة مكانته وحقه عليه.