وأخبرته بقول عمر، فقال معاوية: ليس العدة مثل الطلاق وبينهما فرق (1) وذلك أن الطلاق فعل المطلق فإذا فعل خلاف الكتاب وما أمر به قلنا له: ارجع إلى الكتاب وإلا فلا يقع الطلاق والعدة ليست فعل الرجل ولا فعل المرأة إنما هي أيام تمضى وحيض يحدث ليس من فعله ولا من فعلها إنما هو فعل الله تبارك وتعالى فليس يقاس فعل الله عز وجل بفعله وفعلها فإذا عصت وخالفت فقد مضت العدة وباءت بإثم الخلاف ولو كانت العدة فعلها لما أوقعنا عليها العدة كما لم يقع الطلاق إذ خالف.
وقال الفضل بن شاذان في جواب أجاب به أبا عبيد في كتاب الطلاق، ذكر أبو عبيد أن بعض أصحاب الكلام قال: إن الله تبارك وتعالى حين جعل الطلاق للعدة لم يخبرنا أن من طلق لغير العدة كان طلاقه عنه ساقطا ولكنه شئ تعبد به الرجال كما تعبد النساء بأن لا يخرجن من بيوتهن ما دمن يعتددن وإنما أخبرنا في ذلك بالمعصية فقال: " و تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه " فهل المعصية في الطلاق إلا كالمعصية في خروج المعتدة من بيتها؟ ألستم ترون أن الأمة مجمعة على أن المرأة المطلقة إذا خرجت من بيتها أياما أن تلك الأيام محسوبة لها في عدتها وإن كانت لله فيه عاصية، فكذلك الطلاق في الحيض محسوب على المطلق وإن كان لله (فيه) عاصيا.
قال الفضل بن شاذان: أما قوله: إن الله عز وجل لما جعل الطلاق للعدة لم يخبرنا أن من طلق لغير العدة كان الطلاق عنه ساقطا فليعلم أن مثل هذا إنما هو تعلق بالسراب إنما يقال لهم: إن أمر الله عز وجل بالشئ هو نهي عن خلافه وذلك أنه جل ذكره حيث أباح نكاح أربع نسوة لم يخبرنا أن أكثر من ذلك لا يجوز، حيث جعل الكعبة قبلة لم يخبرنا أن قبلة غير الكعبة لا تجوز، وحيث جعل الحج في ذي الحجة