العدة كان خاطئا وكان الطلاق واقعا وإلا فما الفرق؟.
قيل له: إن فيما بينا كفاية من معنى الخروج والاخراج ما يجتزئ به عن هذا القول لان أصحاب الأثر وأصحاب الرأي وأصحاب التشيع قد رخصوا لها في الخروج الذي ليس على السخط والرغم وأجمعوا على ذلك (1).
فمن ذلك ما روى ابن جريح عن ابن الزبير، عن جابر أن خالته طلقت فأرادت الخروج إلى نخل لها تجذه فلقيت رجلا فنهاها فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لها:
أخرجي فجذي نخلك لعلك أن تصدقي أو تفعلي معروفا.
وروى الحسن، عن حبيب بن أبي ثابت، عن طاؤوس أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله سئل عن المرأة المطلقة هل تخرج في عدتها، فرخص في ذلك.
وابن بشير، عن المغيرة، عن إبراهيم أنه قال في المطلقة ثلاثا إنها لا تخرج من بيت زوجها إلا في حق، من عيادة مريض، أو قرابة، أو أمر لابد منه.
مالك، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يقول: لا تبيت المبتوتة والمتوفى عنها زوجها إلا في بيتها، وهذا يدل على أنه قد رخص لها في الخروج بالنهار.
وقال أصحاب الرأي: لو أن مطلقة في منزل ليس معها فيه رجل تخاف (فيه) على نفسها أو متاعها كانت في سعة من النقلة وقالوا: لو كانت بالسواد فطلقها زوجها هناك فدخل عليها خوف من سلطان أو غير ذلك كانت في سعة من دخول المصر، وقالوا: للأمة المطلقة أن تخرج في عدتها أو تبيت عن بيت زوجها وكذلك قالوا: أيضا في الصبية المطلقة.
قال: وهذا كله يدل على أن هذا الخروج غير الخروج الذي نهى الله عز وجل عنه وإنما الخروج الذي نهى الله عز وجل عنه هو ما قلنا أن يكون خروجها على السخط و المراغمة وهو الذي يجوز في اللغة أن يقال: فلانة خرجت من بيت زوجها وإن فلانا أخرج امرأته من بيته ولا يجوز أن يقال لسائر الخروج الذي ذكرنا عن أصحاب الرأي والأثر والتشيع: إن فلانة خرجت من بيت زوجها، وإن فلانا أخرج امرأته من بيته، لان المستعمل في اللغة هذا الذي وصفنا وبالله التوفيق.