لم يخبرنا أن الحج في غير ذي الحجة لا يجوز، وحيث جعل الصلاة ركعة وسجدتين لم يخبرنا أن ركعتين وثلاث سجدات لا يجوز، فلو أن إنسانا تزوج خمس نسوة لكان نكاحه الخامسة باطلا ولو اتخذ قبلة غير الكعبة لكان ضالا مخطئا غير جائز له وكانت صلاته غير جائزة ولو حج في غير ذي الحجة لم يكن حاجا وكان فعله باطلا ولو جعل صلاته بدل كل ركعة ركعتين وثلاث سجدات لكانت صلاته فاسدة وكان غير مصل لان كل من تعدى ما أمر به ولم يطلق له ذلك كان فعله باطلا فاسدا غير جائز ولا مقبول فكذلك الامر والحكم في الطلاق كسائر ما بينا والحمد الله.
وأما قولهم: إن ذلك شئ تعبد به الرجال كما تعبد به النساء أن لا يخرجن ما دمن يعتددن من بيوتهن فأخبرنا ذلك لهن بالمعصية وهل المعصية في الطلاق إلا كالمعصية في خروج المعتدة (من بيتها) في عدتها فلو خرجت من بيتها أياما لكان ذلك محسوبا لها فكذلك الطلاق في الحيض محسوب وإن كان لله عاصيا فيقال لهم: إن هذه شبهة دخلت عليكم من حيث لا تعلمون وذلك أن الخروج والاخراج ليس من شرائط الطلاق كالعدة لأن العدة من شرائط الطلاق ذلك أنه لا يحل للمرأة أن تخرج من بيتها قبل الطلاق ولا بعد الطلاق ولا يحل للرجل أن يخرجها من بيتها قبل الطلاق ولا بعد الطلاق، فالطلاق وغير الطلاق في حظر ذلك ومنعه واحد والعدة لا تقع إلا مع الطلاق ولا تجب إلا بالطلاق ولا يكون الطلاق لمدخول بها ولا عدة كما قد يكون خروجا وإخراجا بلا طلاق ولا عدة فليس يشبه الخروج والاخراج بالعدة والطلاق في هذا الباب وإنما قياس الخروج والاخراج كرجل دخل دار قوم بغير إذنهم فصلى فيها فهو عاص في دخوله الدار وصلاته جائزة لان ذلك ليس من شرائط الصلاة لأنه منهي عن ذلك صلى أو لم يصل وكذلك لو أن رجلا غصب ثوبا أو أخذه ولبسه بغير إذنه فصلى فيه لكانت صلاته جائزة وكان عاصيا في لبسه ذلك الثوب لان ذلك ليس من شرائط الصلاة لأنه منهي عن ذلك صلى أولم يصل، وكذلك لو أنه لبس ثوبا غير طاهر أو لم يطهر نفسه أو لم يتوجه نحو القبلة لكانت صلاته فاسدة غير جائزة لان ذلك من شرائط الصلاة وحدودها لا يجب إلا للصلاة، وكذلك لو كذب في شهر رمضان وهو صائم بعد أن لا يخرجه كذبه من الايمان لكان عاصيا في كذبه ذلك وكان