بعد التسليم وقبل الكلام وأنهما ليستا من الصلاة إجماعا فزيادتهما يستدعي زيادة ركن وهو مبطل لما تقدم ولأنه يغير هيئة الصلاة فإن السجود يتبع التشهد في شئ من صورة الصلاة احتج المفصلون من أصحابنا بما رواه الشيخ في الصحيح عن سعد بن سعد الأشعري قال قال الرضا عليه السلام في سجدتي السهو إذا نقصت قبل التسليم وإذا زدت بعده احتج مالك بأن النبي صلى الله عليه وآله سجد للنقصان في الصلاة وللزيادة بعدها واحتج الآخرون من أصحابنا لما رواه الشيخ عن أبي الجارود قال قلت لأبي جعفر عليه السلام متى أسجد للسهو قال قبل التسليم فإنك إذا سلمت فقد ذهبت حرمة صلاتك واحتج الشافعي بما رواه عن النبي صلى الله عليه وآله أنه سجد قبل التسليم ثم سلم وعن الزهري قال كان آخر الامرين سجود قبل التسليم والجواب عن الأول: أنه نادر مع ما نقلناه فالترجيح لذكره (لما ذكرناه) ويحتمل أن يكون ذلك خرج مخرج التقية قاله الشيخ وقول مالك باطل لاستحالة السهو على النبي صلى الله عليه وآله وعن حديث أبي الجارود ضعيف عندنا ويحتمل أن يكون للتقية ذكره الشيخ وخبر الشافعي لا حجة فيه لاحتمال أن يكون الإشارة بالسجود قبل التسليم أي تسليم سجدتي السهو والزهري اعتبره (لا اعتباره) بقوله لأنه ليس بصحابي. * مسألة: ولو نسي سجدتي السهو سجدهما متى ذكر سواء تكلم أو لم يتكلم وسواء ذكر بعد مدة طويلة أو قصيرة وسواء خرج من المسجد أو لم يخرج وبه قال الشافعي في القديم والأوزاعي وقال في الجديد ما لم يبطل الفصل وقال أبو حنيفة ما لم يتكلم وقال مالك إن كان لزيادة سجدهما ولو بعد شهر وإن كان لنقصان فإن ذكرهما قريبا أتى بهما وإن تطاول أعاد الصلاة وقال ابن شبرمة إذا خرج من المسجد أعاد الصلاة وقال الحسن البصري وابن سيرين إذا صرف وجهه عن القبلة لم يسجد وقال أحمد إن لم يطل الفصل أتى وإن طال لم يأت. لنا: ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه سجد بعد التسليم والكلام رواه مسلم وعن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وآله صلى الظهر خمسا ثم أقبل علينا بوجهه فقيل أخذت في صلاة شئ فقال وما ذلك فقالوا صليت خمسا فثنى رجليه واستقبل القبلة فسجد بهم سجدتين ولأنه مأمور بالسجود بقوله عليه السلام لكل سهو سجدات فيبقى في العهدة حتى يأتي به ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل ينسى سجدتي السهو قال يسجدهما متى ذكر ولأنه جبران يفعل لنقصان عبادة فلا يبطل بتطاول الفصل كجبران الحج. * مسألة: ولا يتداخل سجود السهو لو تعدد السبب سواء اختلف أو اتفق وقال أكثر الجمهور بتداخل مطلقا وقال الأوزاعي إن تجانس السبب تداخل وإلا فلا. لنا: إن كل واحد من الأسباب بإنفراده سبب ومع الانضمام لا يخرج المالية عن حقيقتها فلا يخرج عن الاقتضاء لأنها على خلاف الأصل وأيضا ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله قال: لكل سهو سجدات رواه أبو داود احتجوا بأن النبي صلى الله عليه وآله سهى فسلم في غير موضعه وتكلم ثم أتم وسجد سجدتين والجواب: هذا الحديث عندنا باطل لاستحالة السهو على الأنبياء وبيانه في علم الكلام ويعضده ما رواه الشيخ في الموثق عن زرارة قال سألت أبا جعفر عليه السلام هل سجد رسول الله صلى الله عليه وآله سجدتي السهو قط فقال لا ولا سجدهما تقية. * مسألة: ولا يسجد لشئ من الأفعال إذا تركه عمدا لأنه اما واجب فيبطل الصلاة أو مندوب فلا سهو فيه وقال الشافعي يسجد لترك التشهد والقنوت عمدا لان ما تعلق الجبران بسهوه تعلق بعمده كالحج وهو مباشرة من غير جامع فلا يدفع ما قلنا ولان هذا السجود مضاف إلى السهو فيختص به كسجود التلاوة. * مسألة: إذا حصل ركعة ثم صلى إمام فضم صلاته إلى صلاته ففي الجواز نظر والتفريع عليه إذا سهى المأموم فيما انفرد به ثم سهى إمامه فيما تبعه فيه فلما فارق الامام فهل يكفيه سجدتان أم لا يبني على القول بالتداخل وعلى أن المأموم يأتي بالجبران وقد مضى البحث فيهما ولو كان هذا السابق صلاته أطول من صلاة الامام كالمقيم إذا صلى خلف المسافر فسهى أولا منفردا ثم سهى مع الامام ثم سهى ثالثا فإنه يسجد ست سجدات على ما بيناه من التخريج وقيل (تفريعا) سريعا على التخريج ست سجدات لان السهو هنا جنسان في الأولة والآخرة انفراد وسهو الامام والوجه الأول أما على القول بالتداخل أو على أن المأموم لا اعتبار بسهوه وإن سهى الامام في الواجب فسجدتان لا غير. فروع: [الأول] لو قلنا بأن السجود قبل التسليم لو سجد للسهو ثم سهى فقام قبل أن يسلم ثم ذكر فجلس فهل يعيد سجود السهو أم لا فإذا قلنا بعدم التداخل أنه يجب الإعادة قطعا وأما مع القول بالتداخل فالوجه أنه يعيده أيضا لان سجدة السهو يجبر ما قبله لا ما بعده فيحتاج إلى السجود لسهوه بعده. [الثاني] لا سجود في حديث النفس بلا خلاف بين العلماء وإلا لزم الحرج لعدم انفكاك صلاته فيه. [الثالث] لو سهى في صلاة الجمعة فسجد للسهو فيما بنى على القول بالجواز فدخل وقت العصر أتم بأجمعه وسلم وقال الشافعي يجعلها ظهرا أربعا ويعيد السجدتين في آخر صلاته لأنها حصلت في وسط الصلاة ونحن قد بينا أن مع خروج الوقت والتلبس بركعة يتمها جمعة لا ظهرا. [الرابع] المسافر إذا سهى فسجد قبل التسليم بناء على الجواز فنوى الإقامة أو دخلت السفينة بلدا قامته أتمها أربعا ولا يعيد السجود لأنه واجب قد أتى به وقال الشافعي يعيد لأنها حصلت في وسط الصلاة والجواب التأخير إلى قبل التسليم. [الخامس] يجوز للرجل تعداد الركعات بأصابعه أو بشئ يكون معه من الحصا والنوى لأنه أمر مطلوب لا يتم إلا بذلك فكان سائغا ويؤيده ما رواه الشيخ عن حبيب الخثعمي قال شكوت إلى أبي عبد الله عليه السلام كثرة السهو في الصلاة فقال احص صلاتك بالحصا أو قال احفظها بالحصا. [المقصد التاسع] في القضاء، * مسألة: لا يجب القضاء على من فاته الصلاة وهو طفل
(٤١٩)