والترغيب والترهيب على نحو ما تقدم شرحه. ويكمل ويؤرخ.
صورة وقف مسجد لله تعالى.
الحمد لله الذي جازى هذه الأمة بأحسن أعمالها، وبين لها طرق الرشاد فحسن سلوكها في حالتي حالها ومآلها. وقال عز من قائل: * (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) * نحمده على نعمه التي وهبنا منها الكثير. وسأل منها اليسير قرضا، وعمنا بفضله السابغ الغزير، فله الشكر حتى يرضى، ونشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، شهادة نجعلها عدة ليوم المعاد. ونستمد برد ورودها عند عطش الأكباد. ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الصادق الأمين. القائل في حقه من لم يتخذ صاحبة ولا ولدا: * (وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا) * (ص) وعلى آله وصحبه صلاة مستمرة على الدوام، مستقرة بتعاقب الشهور والأعوام.
وبعد، فإن أجمل ما تقرب به العبد إلى سيده وخالقه. وأجزل ما قدمه بين يديه للقاء موجده ورازقه: صدقة جارية، وقربة متوالية، يتقلد بها العبد في الدارين أعظم منة، منها قوله (ص): من بنى مسجدا لله - ولو كمفحص قطاة - بنى الله له بيتا في الجنة.
ولما تحقق ذلك من أهله الله تعالى لارتقاء درجات هذه المثوبة واكتسابها، وطمع في بلوغ رتبتها وإدراكها. فأتى البيوت من أبوابها وهو فلان الفلاني - تقبل الله عمله، وبلغه من ثواب هذه القربة أمله - قدم هذه الصدقة المبرورة بين يديه، رجاء تكفير السيئات، وتكثير الحسنات. وأن يجدها يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات.
فحينئذ أشهد على نفسه الكريمة فلان المشار إليه: أنه وقف وحبس - إلى آخره - وذلك جميع المكان الفلاني - ويصفه ويحدده - والشئ الفلاني والشئ الفلاني - ويصف كل مكان ويحدده - ثم يقول: وقفا صحيحا شرعيا، متصل الابتداء والوسط والانتهاء - إلى آخره. ثم يقول:
فأما المكان المبارك المقبول، الموصوف المحدود أولا: فإن الواقف المذكور - وفر الله له الأجور - وقفه مسجدا لله العظيم، وبيتا من بيوت رب العالمين. وأذن للمسلمين في الدخول إليه والصلاة فيه، وقراءة القرآن، والاعتكاف. والتهجد، والتسبيح