ولا يخفى مثل هذا على من غاب، وكلهم مسلم لامره عليه السلام * وقد لجأ بعض المفتونين من مقلدي مالك إلى أن قال: هذا خاص برسول الله صلى الله عليه وسلم، لان في الائتمام به من البركة في النافلة ما ليس في الائتمام بغيره في الفريضة * قال علي: فر هذا البائس من الاذعان للحق إلى الكذب على الله تعالى في دعواه الخصوص فيما لم يقل عليه السلام قط أنه خصوص له، بل قد صح عنه عليه السلام من طريق مالك ابن الحويرث أنه قال: (صلوا كما تروني أصلى) وقال تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة). وما قال قط أحد: إنه يجوز معه عليه السلام في الصلاة ما لا يجوز مع غيره، إلا هؤلاء المقدمون، نصرا لتقليدهم الفاسد! ونعوذ بالله من الخذلان (1) * قال علي: واعترضوا في حديث معاذ بأشياء! نذكرها، وان كنا غانين عن ذلك بحديث أبي بكرة وجابر، لكن نصر الحق فضيلة، وقمع الباطل وسيلة إلى الله تعالى * قال بعضهم: لا يجوز اختلاف نية الإمام والمأموم لما رويتموه من طريق ابن سخبر (2) الجرجاني عن أبي صالح عبد الله بن صالح كاتب الليث عن الليث عن عبد الله بن عياش ابن عباس القتباني عن أبيه عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه قال: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا التي أقيمت) * قال علي: وهذا خبر لا يصح، لان راويه أبو صالح، وهو ساقط (3)، وإنما الصحيح من هذا الخبر فهو ما رواه أيوب السختياني وابن جريج وحماد بن سلمة وورقاء ابن عمر وزكرياء بن إسحاق كلهم عن عمرو بن دينار عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة). وقد ذكرناه باسناده في صدر كتاب الصلاة من ديواننا هذا (4) * ثم لو صح لفظ أبي صالح لكان حجة عليهم لا لهم، لأنهم مخالفون له، لان المالكيين والحنيفيين معا متفقون على أن صلاة الصبح إذا أقيمت فان من لم يكن أوتر ولا ركع ركعتي الفجر: يصليهما قبل أن يدخل في التي أقيمت! فسبحان من يسرهم للاحتجاج بما لا يصح من الاخبار في إبطال ما صح منها! ثم لا مؤنة عليهم من خلاف ما احتجوا
(٢٢٩)