رجل أعمل نهاري حتى إذا أمسيت أمسيت ناعسا، فيأتينا معاذ وقد أبطأ علينا، فلما احتبس صليت) وذكر الحديث وفيه. أن سليما صاحب هذه القصة قتل يوم أحد * والثالث أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة) ويقول الله تعالى. (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم) ثم يكون معاذ وهو من أعلم هذه الأمة بالدين - يضيع فرض صلاته الذي قد تعين عليه، فيترك أداءه، ويشتغل بالتنفل، وصلاة الفرض قد أقيمت، حتى لا يدرك منها شيئا، لا سيما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليت شعري، إلى من كان يؤخر معاذ صلاة فرضه حتى يصليها معه راغبا عن أن يصليها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم اتباعا لرأى أبي حنيفة ومالك؟ ألا ان هذا هو الضلال المبين، قد نزه الله تعالى معاذا عنه عند كل ذي مسكة عقل * والرابع: أن هذا التأويل السخيف الذي لم يستحيوا من أن ينسبوه إلى معاذ رضي الله عنه : لا يجوز عندهم أيضا، وهو ان تحضر صلاة فرض فينوي بعض الحاضرين ممن لم يكن صلى بعد تلك الصلاة - أن يصليها مع الامام لا ينوى بها الا التطوع. * فعلى كل حال قد نسبوا إلى معاذ ما لا يحل عندهم ولا عند غيرهم، وهذه فتنة سوء مذهبة للعقل والدين، ونعوذ بالله من الخذلان، فأي راحة لهم في أن ينسبوا إلى معاذ ما لا يحل عندهم بلا معنى؟ * والخامس أن يقال لهم: إذ جوزتم لمعاذ ما لا يجوز عندكم، من أن يصلى نافلة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعاذ لم يصل ذلك الفرض بعد، وهو عليه السلام يصلى فرضه -:
فأي فرق في شريعة أو في معقول بين صلاة نافلة خلف مصلى فريضة، وبين ما منعتم منه من صلاة فرض خلف المصلى نافلة، وكلاهما اختلاف نية الامام مع المأموم ولا فرق؟
فهلا قاسوا أحدهما على الآخر؟ وهلا قاسوا جواز صلاة الفريضة خلف المتنفل من الأئمة على جواز حج الفريضة خلف الحاج تطوعا من الأئمة، يقف بوقوفه ويدفع بدفعه ويأتم به في حجه؟ فلو كان شئ من القياس حقا لكان هذا من أحسن القياس وأصحه، وهم أهل قياس بزعمهم ولكن هذا مقدار علمهم فيما شغلوا به أنفسهم وتركوا السنن فكيف بما لا يشتغلون به من طلب السنن والاعتناء بها والحمد لله على عظيم نعمته * قال علي: وموه بعضهم ههنا بكلام يشبه كلام الممرورين وهو أنه قال: الفرق بينهما أن بعض سبب التطوع سبب الفريضة، وأن من ابتدأ صلاة لا ينوى بها شيئا كان داخلا في نافلة