وأما المحبوس فليس قادرا على مفارقة ذلك الموضع، ولا على الصلاة في غيره، فله حكم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول (إذا نهيتكم عن شئ فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) فهذا يسقط عنه ما عجز عنه، ويلزمه ما قدر عليه، ويجتنب ما قدر على اجتنابه مما نهى عنه، قال عز وجل (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) * 394 مسألة ولا تجوز الصلاة في أرض مغصوبة ولا متملكة بغير حق من بيع فاسد أو هبة فاسدة أو نحو ذلك من سائر الوجوه، وكذلك من كان في سفينة مغصوبة أو فيها لوح مغصوب لولاه لغرقها الماء، فإنه إن قدر على الخروج عنها فصلاته باطل، وكذلك الصلاة على وطاء مغصوب أو مأخوذ بغير حق، أو على دابة مأخوذة بغير حق، أو في ثوب مأخوذ بغير حق، أو في بناء مأخوذ بغير حق وكذلك إن كان مسامير السفينة مغصوبة، أو خيوط الثوب الذي خيط بها مغصوبة أو أخذ كل ذلك بغير حق * فإن كان لا يقدر على مفارقة ذلك المكان أصلا، ولا على الخروج عن السفينة أو كان اللوح لا يمنع الماء من الدخول، أو كان غير مستظل بذلك البناء ولا مستترا به، أو كان قد يئس عن (1) معرفة من أخذ منه ذلك الشئ بغير حق، أو كانت سفينة أو بناء لم يغصب شئ من أعيانها لكن سخر الناس فيها ظلما: فالصلاة في كل ذلك جائزة، قدر على مفارقة ذلك المكان أو لم يقدر * وكذلك إن خشي البرد وأذاه، أو الحر وأذاه، فله أن يصلى في الثوب المأخوذ بغير حق وعليه إذا كان صاحبه غير مضطر إليه، وإلا فلا، وكذلك الأرض المباحة التي لم يحظرها صاحبها ولا منع منها، فالصلاة فيها جائزة * برهان ذلك قول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون. فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام) صح ذلك من طريق أبي بكرة، وعبد الله بن عمر، ونبيط بن شريط الأشجعي (2). وقال عليه السلام
(٣٣)