تلك الكتب وحواشيها، كالشرح الكبير والمبدع والانصاف وغيرهما مما من الله تعالى بالوقوف عليه كما ستراه، خصوصا شرح المنتهى والمبدع، فتعويلي في الغالب عليهما، وربما عزوت بعض الأقوال لقائلها خروجا ن عهدتها، وذكرت ما أهمله من القيود، وغالب علل الاحكام وأدلتها على طريق الاختصار غير المردود. وبينت المعتمد من المواضع التي تعارض كلامه فيها، وما خالف فيه المنتهى. متعرضا لذكر الخلاف فيها.
ليعلم مستند كل منهما. وأستغفر الله تعالى مما يقع لي من الخلل في بعض المسائل المسطورة. وأعوذ الله تعالى من شر حاسد يريد أن يطفئ نور الله ويأبى الله إلا أن يتم نوره.
ومن عثر على شئ مما طغى به القلم. أو زلت به القدم. فليدرأ بالحسنة السيئة، ويحضر بقلبه أن الإنسان محل النسيان، وأن الصفح عن عثرات الضعاف من شيم الأشراف، وأن الحسنات يذهبن السيئات. وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
قال المصنف رحمه الله (بسم الله الرحمن الرحيم) تأسيا بالكتاب، وعملا بحديث " كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر " أي ذاهب البركة. رواه الخطيب بهذا اللفظ في كتابه الجامع، والحافظ عبد القادر الرهاوي. والباء في البسملة للمصاحبة أو الاستعانة متعلقة بمحذوف. وتقديره فعلا أولى، لأن الأصل في العمل للأفعال. وخاصا لأنه أمس بالمقام، ومؤخرا لإفادة الاختصاص ولأنه أوفق للوجود وأدخل في التعظيم. ولا يرد * (اقرأ باسم ربك) * لكونه مقام أمر بجعل الفعل مقرونا باسم الله، فتقديمه أي الفعل لكونها أول سورة نزلت، على أن في الكشاف أن معناه: اقرأ مفتتحا باسم - ربك أي قل: باسم الله الرحمن الرحيم، ثم اقرأ فيكون معناه: مفتتحا بسم الله اقرأ.
وكفي به شاهدا على أن البسملة مأمور بها في ابتداء كل قراءة إذ هو أمر بإيجاد القراءة مطلقا بدون تعلقه بمقروء دون مقروء، فتكون مأمورا بها في ابتداء غير هذه السورة أيضا.
وكسرت الباء. وإن كان حق الحروف المفردة الفتح - للزومها الحرفية والجر، ولتشابه حركتها عملها. وحذفت الألف من اسم الله دون اسم ربك ونحوه لكثرة الاستعمال، وعوض عنها تطويل الباء. و " الله " أصله إله حذفت همزته وعوض عنها اللام، وإله اسم لكل معبود بحق أو باطل. ثم غلب على مفهوم كلي هو المعبود بحق و " الله " علم خاص لذات معين هو المعبود بالحق. إذ لم يستعمل في غيره تعالى. قال تعالى: * (هل تعلم له سميا) * [مريم: 65]. ومن ثم كان " لا إله إلا الله " توحيدا، أي لا معبود بحق إلا ذلك الواحد الحق، فهو من الأعلام الخاصة من حيث إنه لم يسم به غيره. ومن الاعلام الغالبة من حيث إن أصله إله، قاله الدلجي في شرح الشفاء. و " الرحمن " خاص لفظا إذ لم يسم به غيره تعالى وما شذ لا يعتد به، عام معنى لأنه صفة بعني كثير الرحمة، ثم غلب على البالغ في الرحمة والانعام بجلائل النعم في الدنيا والآخرة، فهو لوقوعه صفة لا موصوفا