مراتب: توقى العذاب المخلد بالتبرئ من الشرك. قال تعالى: (وألزمهم كلمة التقوى) (الفتح: 22). وتوقى ما يؤثم من فعل أو قول حتى الصغائر عند قوم وهو المتعارف بالتقوى في الشرع. ومنه قوله تعالى: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا) (الأعراف: 96).
وتوقى ما يشغل السر عن الحق، والتبتل إليه بشراشره. وهو التقوى الحقيقي المطلوب بقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته) (آل عمران: 102). وإعزاز العلم ورفع أمره غير خفي. قال تعالى: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) (المجادلة: 11). وقال: (وقل رب زدني علما) (طه: 114). وقال (ص) " فضل العلم على العابد كفضلي على أدناكم. إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرضين، حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير " رواه الترمذي عن أبي أمامة.
وقال " لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله ما لا فسلطه على هلكته في الخير، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها " رواه البخاري من حديث ابن مسعود، وقال " من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة " رواه الترمذي وحسنه عن أبي هريرة، واسمه عبد الرحمن بن صخر على الأصح (أحمده) أي أصف الله تعالى بجميل صفاته مرة بعد أخرى، لأن المضارع المثبت يشعر باستمرار التجددي، وفيه موافقة بين الحمد والمحمود عليه، لأن آلاء الله تعالى لا تزال تتجدد في حقنا دائما. كذلك نحمده بمحامد لا تزال تتجدد، أولا بالجملة الإسمية، وثانيا بالفعلية اقتداء به (ص) ففي خبر مسلم وغيره " إن الحمد لله نحمده ونستعينه " (حمدا يفوق حمد الحامدين) مصدر مبين لنوع الحمد لوصفه بالجملة بعده. وهذا إخبار عن الحمد الذي يستحقه الله سبحانه وتعالى كقول من قال:
حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده. إذا العبد لا يمكنه الاتيان بذلك. وكذلك: الحمد لله ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من شئ بعد، وعدد الرمال والتراب والحصى والقط وعد أنفاس الخلائق وعدد ما خلق الله وما هو خالق. فهذا إخبار عما يستحقه من الحمد لا عما يقع من العبد من الحمد، أشار إليه ابن القيم في عدة الصابرين (وأشكره) أي الله تعالى (على نعمه) جمع نعمة والانعام الاعطاء من غير مقابلة قال في القاموس: أنعمها الله تالي وأنعم بها عطيته. والشكر لغة الحمد عرفا. واصطلاحا صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه لما خلق لأجله. قال تعالى: (وقليل من عبادي الشكور) (سبا: 13). فبين الحمد والشكر اللغويين عموم وخصوص من وجه، فالحمد أعم من جهة المتعلق لأنه لا يعتبر في مقابلة نعمة، وأخص من جهة المورد وهو اللسان والشكر أعم من جهة المورد