فيرهنه بخمسين صح لأن من أذن في مائة فقد أذن في خمسين، وان رهنه بأكثر مثل أن رهنه بمائة وخمسين احتمل أن يبطل في الكل لأنه خالف المنصوص عليه فبطل كما لو قال ارهنه بدنانير فرهنه بدراهم أو بحال فرهنه بمؤجل أو بمؤجل فرهنه بحال فإنه لا يصح كذلك ههنا وهذا منصوص الشافعي (والوجه الثاني) أنه يصح في المائة ويبطل في الزائد عليها لأن العقد تناول ما يجوز وما لا يجوز فجاز فيما يجوز دون غيره كتفريق الصفقة ويفارق ما ذكرنا من الأصول فإن العقد لم يتناول مأذونا فيه بحال، وكل واحد من هذه الأمور يتعلق به غرض لا يوجد في الآخر فإن الراهن قد يقدر على فكاكه في الحال ولا يقدر على ذلك عند الاجل وبالعكس، وقد يقدر على فكاكه بأحد النقدين دون الآخر فيفوت الغرض بالمخالفة، وفي مسئلتنا إذا صح في المائة المأذون فيها لم يختلف الغرض فإن أطلق الرهن في الاذن من غير تعيين فقال القاضي يصح وله رهنه بما شاء وهو قول أصحاب الرأي وأحد قولي الشافعي (والآخر) لا يجوز حتى يبين قدر الذي يرهنه به وصفته وحلوله وتأجيله لأن هذا بمنزلة الضمان لأن منفعة العبد لسيده والعارية ما أفادت المنفعة، إنما حصلت له نفعا بكون الرهن وثيقة عنه فهو بمنزلة الضمان في ذمته وضمان المجهول لا يصح. ولنا انها عارية فلم يشترط لصحتها ذكر ذلك كالعارية لغير الرهن، والدليل على أنه عارية انه قبض ملك غيره لمنفعة نفسه منفردا بها من غير عوض فكان عارية كقبضه للخدمة، وقولهم انه ضمان غير صحيح لأن الضمان يثبت في الذمة وهذا ثبت في الرقبة، ولأن الضمان لازم في حق الضامن وهذا له رجوع في العبد قبل الرهن وإلزام المستعير بفكاكه بعده، وقولهم ان المنافع للسيد. قلنا المنافع مختلفة فيجوز أن يستعيره لتحصيل منفعة واحدة وسائر المنافع للسيد كما لو استعاره لحفظ متاع وهو مع ذلك يخيط لسيده أو يعمل له شيئا أو استعاره ليخيط له ويحفظ المتاع لسيده، فإن قيل لو كان عارية لما صح رهنه لأن العارية لا تلزم والرهن لازم. قلنا العارية غير لازمة من جهة المستعير فإن لصاحب العبد المطالبة بفكاكه قبل حلول الدين، ولان العارية قد تكون لازمة بدليل ما لو أعاره حائطا ليبني عليه أو أرضا ليدفن فيها أو ليزرع فيها مالا يحصد قصيلا. إذا ثبت هذا فإنه يصح رهنه بما شاء إلى أي وقت شاء ممن شاء لأن الاذن يتناول الكل باطلاقه وللسيد مطالبة الراهن بفكاك الرهن حالا كان أو مؤجلا في محل الحق وقبل محله لأن العارية لا تلزم، ومتى حل الحق فلم يقبضه فللمرتهن بيع الرهن واستيفاء الدين من ثمنه ويرجع المعير على الراهن بالضمان وهو قيمة العين المستعارة أو مثلها إن كانت من ذوات الأمثال، ولا يرجع بما بيعت به سواء بيعت بأقل من القيمة أو أكثر في أحد الوجهين، والصحيح أنها إن بيعت بأقل من قيمتها رجع بالقيمة لأن العارية مضمونة فيضمن نقص ثمنها، وان بيعت بأكثر رجع بما بيعت به لأن العبد ملك للمعير فيكون ثمنه كله له، وكذلك لو أسقط المرتهن حقه عن الراهن رجع الثمن كله إلى صاحبه، فإذا قضى به دين الراهن رجع به عليه، ولا يلزم من وجوب ضمان النقص أن لا تكون الزيادة لصاحب العبد كما لو كان باقيا بعينه، وإن تلف الرهن ضمنه الراهن بقيمته سواء تلف بتفريط أو غير تفريط نص على هذا أحمد وذلك لأن العارية مضمونة
(٣٨١)