الراهن الا إذا قلنا إن للورثة التصرف في التركة ووفاء الدين من امولهم. فإن قيل فما الفائدة في القول بصحة الرهن إذا لم يختص به المرتهن؟ قلنا فائدته أنه يحتمل ان يرضى الغرماء بتسليمه إليه فيتم الرهن ولا فرق في جميع ما ذكرناه بين ما قبل الاذن في القبض وما بعده لكون الاذن يبطل بالجنون والموت والاغماء والحجر (فصل) ولو حجر على الراهن لفلس قبل التسليم لم يكن له تسليمه لأن فيه تخصيصا للمرتهن بثمنه وليس له تخصيص بعض غرمائه، وان حجر عليه لسفه فحكمه حكم ما لو زال عقله بجنون على ما أسلفناه، وان أغمي عليه لم يكن للمرتهن قبض الرهن وليس لاحد تقبيضه لأن المغمى عليه لا ولاية عليه، وان أغمي على المرتهن لم يكن لاحد ان يقوم مقامه في قبض الرهن أيضا وانتظر إفاقته، وان خرس وكانت له كتابة مفهومة أو إشارة معلومة فحكمه حكم المتكلمين ان اذن في القبض جاز والا فلا، وان لم تفهم إشارته ولا كتابته لم يجز القبض، وإن كان أحد هؤلاء قد اذن في القبض فحكمه حكم من لم يأذن لأن اذنهم يبطل بما عرض لهم وجميع هذا تناوله قول الخرقي من جائز الامر وليس أحد من هؤلاء جائز الامر (فصل) إذا تصرف الراهن في الرهن قبل القبض بهبة أو بيع أو عتق أو جعله صداقا أو رهنه ثانيا بطل الراهن الأول سواء اقبض الهبة والمبيع والرهن الثاني أو لم يقبضه لأنه أخرجه عن امكان استيفاء الدين من ثمنه أو فعل ما يدل على قصده ذلك، وان دبر العبد أو أجره أو زوج الأمة لم يبطل الرهن لأن هذا التصرف لا يمنع البيع فلا يمنع صحة الرهن ولأنه لا يمنع ابتداء الرهن فلا يقطع استدامته كاستخدامه، وان كاتب العبد انبنى على صحة رهن المكاتب فإن قلنا يجوز رهنه لم يبطل رهنه وان قلنا لا يجوز رهنه بطل رهنه كما لو أعتقه (فصل) واستدامة القبض شرط للزوم الرهن فإذا أخرجه المرتهن عن يده باختياره زال لزوم الرهن وبقي العقد كأنه لم يوجد فيه قبض سواء أخرجه بإجارة أو إعارة أو ايداع أو غير ذلك فإذا عاد فرده إليه عاد اللزوم بحكم العقد السابق. قال أحمد في رواية ابن منصور: إذا ارتهن دارا ثم اكراها صاحبها خرجت من الرهن فإذا رجعت إليه صارت رهنا. وقال فيمن رهن جارية ثم سأل المرتهن ان يبعثها إليه لتخبز لهم فبعث بها فوطئها انتقلت من الرهن فإن لم يكن وطئها فلا شئ، قال أبو بكر لا يكون رهنا في تلك الحال فإذا ردها رجعت إلى الرهن، وممن أوجب استدامة القبض مالك وأبو حنيفة وهذا على القول الصحيح، فأما على قول من قال ابتداء القبض ليس بشرط فأولى
(٣٧٠)