(فصل) وإن فك المعير الرهن فأدى الدين الذي عله باذن الراهن رجع عليه، وإن قضاه متبرعا لم يرجع بشئ وإن قضاه بغير إذنه محتسبا بالرجوع بغير إذنه فهل يرجع؟ على روايتين بناء على ما إذا قضى دينه بغير إذنه ويترجح الرجوع ههنا لأن له المطالبة بفكاك عبده وأداء دينه فكاكه وان اختلفا في الاذن فالقول قول الراهن مع يمينه لأنه منكر، وإن شهد المرتهن للمعير قبلت شهادته لأنه لا يجر بها نفعا ولا يدفع بها ضررا، وإن قال أذنت لي في رهنه بعشرة قال بل بخمسة فالقول قول المالك لأنه منكر للزيادة وبهذا قال الشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي، وإن كان الدين مؤجلا فقضاه حالا باذنه رجع به حالا، وان قضاه بغير اذنه فقال القاضي يرجع به حالا أيضا لأنه له المطالبة بفكاك عبده في الحال (فصل) ولو استعار من رجل عبدا ليرهنه بمائة فرهنه عند رجلين صح لأن تعيين ما يرهن به ليس بشرط فكذلك من يرهن عنده ولان رهنه من رجلين أقل ضررا من رهنه عند واحد لأنه ينفك منه بعضه بقضاء بعض الدين بخلاف ما لو كان رهنا عند واحد، فعلى هذا إذا قضى أحدهما ما عليه من الدين خرج نصيبه من الرهن لأن عقد الواحد مع الاثنين عقدان في الحقيقة، ولو استعار عبدا من رجلين فرهنه عند واحد بمائة فقضاه نصفها عن أحد النصيبين ففيه وجهان (أحدهما) لا ينفك من الرهن شئ لأنه عقد واحد من راهن واحد مع مرتهن واحد فأشبه ما لو كان العبد لواحد (والثاني) ينفك نصف العبد لأن كل واحد منهما إنما أذن في رهن نصيبه بخمسين فلا يكون رهنا بأكثر منها كما لو صرح له بذلك فقال ارهن نصيبي بخمسين لا تزد عليها فعلى هذا الوجه إن كان المرتهن عالما بذلك فلا خيار له وان لم يكن عالما بذلك، والرهن مشروط في بيع احتمل أن يكون له الخيار لأنه دخل على أن كل جزء من الرهن وثيقة بجميع الدين وقد فاته ذلك ولو كان رهن هذا العبد عند رجلين فقضى أحدهما انفك نصيب كل واحد من المعيرين من نصفه وان قضى نصف دين أحدهما انفك في نصيب أحدهما على أحد الوجهين وفي الآخر ينفك نصف نصيب كل واحد منهما والله أعلم (فصل) ولو كان لرجلين عبدان فأذن كل واحد منهما لشريكه في رهن نصيبه من أحد العبدين فرهناهما عند رجل مطلقا صح فإن شرط أحدهما انني متى قضيت ما علي من الدين انفك الرهن في العبد الذي رهنته وفي العبد الآخر وفي قدر نصيبي من العبد الآخر فهذا شرط فاسد لأنه شرط أن ينفك بقضاء الدين رهن على دين آخر ويفسد الرهن لأن في هذا الشرط نقصا على المرتهن. وكل شرط فاسد ينقص حق المرتهن يفسد الرهن فأما ان شرط أنه لا ينفك شئ من العبد حتى يقضى جميع الدين فهو فاسد أيضا لأنه شرط ان يبقى الرهن محبوسا بغير الدين الذي هو رهن به لكنه لا ينقص حق المرتهن فهل يفسد الرهن بذلك؟ على وجهين (فصل) ولا يصح رهن ما لا يصح بيعه كأم الولد والوقف والعين المرهونة لأن مقصود الرهن استيفاء الدين من ثمنه ومالا يجوز بيعه لا يمكن ذلك فيه ولو رهن العين المرهونة عند المرتهن لم يجز فلو قال الراهن للمرتهن زدني مالا يكون الرهن الذي عندك رهنا به وبالدين الأول لم يجز وبهذا قال
(٣٨٢)