بيعه بعد العقد أو اتفقا على أن يبعه الراهن أو غيره باعه، وان لم يكن ذلك باعه الحاكم وجعل ثمنه رهنا ولا يقضي الدين من ثمنه لأنه ليس له تعجيل وفاء الدين قبل حلوله، وكذلك الحكم ان رهنه ثيابا فخاف تلفها أو حيوانا وخاف موته. قال أحمد فيمن رهن ثيابا يخاف فسادها كالصوف أتى السلطان فأمره ببيعها (فصل) ويجوز رهن العصير لأنه يجوز بيعه وتعرضه للخروج عن المالية لا يمنع صحة رهنه كالمريض والجاني. ثم إن استحال إلى حال لا يخرج فيها عن المالية كالخل فالرهن بحاله، وان صار خمرا زال لزوم العقد ووجبت اراقته فإن أريق بطل العقد فيه ولا خيار للمرتهن لأن التلف حصل في يده وإن عاد خلا عاد اللزوم بحكم العقد السابق كما لو زالت يد المرتهن عن الرهن ثم عادت إليه، وان استحال خمرا قبل قبض المرتهن له بطل الرهن ولم يعد بعوده خلا لأنه عقد ضعيف لعدم القبض فيه فأشبه اسلام أحد الزوجين قبل الدخول. وذكر القاضي أن العصير إذا استحال خمرا بعد القبض بطل الرهن ثم إذا عاد خلا عاد ملكا لصاحبه مرهونا بالعقد السابق لأنه يعود مملوكا بحكم الملك الأول فيعود حكم الرهن أيضا لأنه زال بزوال الملك فيعود بعوده وهذا مذهب الشافعي وقال مالك وأبو حنيفة هو رهن بحاله لأنه كانت له قيمة حالة كونه عصيرا، ويجوز أن يصير له قيمة فلا يجوز أن يزول الملك عنه كما لو ارتد الجاني ولان اليد لم تزل عنه حكما ولهذا لو غصبه غاصب فتخلل في يده كان ملكا للمغصوب منه، ولو زالت يده لكان ملكا للغاصب كما لو أراقه فجمعه إنسان فتخلل في يده كان له دون من أراقه وهذا القول هو قولنا الأول في المعنى إلا أن يقولوا ببقاء اللزوم فيه حال كونه خمرا ولم يظهر لي فائدة الخلاف بعد اتفاقهم على عوده رهنا باستحالته خلا، وأرى القول ببقائه رهنا أقرب إلى الصحة لأن العقد لو بطل لما عاد صحيحا من غير ابتداء عقد فإن قالوا يمكن عوده صحيحا لعود المعنى الذي بطل بزواله كما أن زوجة الكافر إذا أسلمت خرجت من حكم العقد لاختلاف دينهما فإذا أسلم الزوج في العدة عادت الزوجية بالعقد الأول لزوال الاختلاف في الدين. قلنا هنا ما زالت الزوجية ولا بطل العقد ولو بطل بانقضاء العدة لما عاد إلا بعقد جديد، وإنما العقد كان موقوفا مراعى، فإذا أسلم في العدة تبينا أنه لم يبطل، وان لم يسلم تبينا أنه كان قد بطل وههنا قد جزمتم ببطلانه
(٣٧٩)