فيقول بعتك ثوبي هذا بعشرة إلى شهر ترهنني بها عبدك سعدا فيقول قبلت ذلك فيصح أيضا، وبه قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي لأن الحاجة داعية إلى ثبوته فإنه لو لم يعقده مع ثبوت الحق ويشترطه فيه لم يتمكن من الزام المشتري عقده وكانت الخيرة إلى المشتري والظاهر أنه لا يبذله فتفوت الوثيقة بالحق (الحال الثالث) أن يرهنه قبل الحق فيقول رهنتك عبدي هذا بعشرة تقرضنيها فلا يصح في ظاهره المذهب وهو اختيار أبي بكر والقاضي وذكر القاضي ان أحمد نص عليه في رواية ابن منصور وهو مذهب الشافعي واختار أبو الخطاب انه يصح فمتى قال رهنتك ثوبي هذا بعشرة تقرضنيها غدا وسلمه إليه ثم أقرضه الدراهم لزم الرهن وهو مذهب مالك وأبي حنيفة لأنه وثيقة بحق فجاز عقدها قبل وجوبه كالضمان أو فجاز انعقادها على شئ يحدث في المستقبل كضمان الدرك ولنا أنه وثيقة بحق لا يلزم قبله فلم تصح قبله كالشهادة ولان الرهن تابع للحق فلا يسبقه كالشهادة والثمن لا يتقدم البيع، وأما الضمان فيحتمل أن يمنع صحته، وان سلمنا فالفرق بينهما ان الضمان التزام مال تبرعا بالقول فجاز من غير حق ثابت كالنذر بخلاف الرهن {مسألة} قال (ولا يصح الرهن الا أن يكون مقبوضا من جائز الامر) يعني لا يلزم الرهن إلا بالقبض، وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي وقال بعض أصحابنا: ما كان مكيلا أو موزونا لا يلزم رهنه إلا بالقبض وفيما عداهما روايتان (إحداهما) لا يلزم إلا بالقبض (والأخرى) يلزم بمجرد العقد كالبيع، وقد نص أحمد على هذا في رواية الميموني وحمل القاضي كلام الخرقي على المكيل والموزون خاصة وليس بصحيح فإن كلام الخرقي مع عمومه قد اتبعه بما يدل على
(٣٦٨)