فقبضه التخلية بين مرتهنه وبينه من غير حائل بان يفتح له باب الدار أو يسلم إليه مفتاحها، وان خلى بينه وبينها وفيها قماش للراهن صح التسليم لأن اتصالها بملك الراهن لا يمنع صحة التسليم كالثمرة في الشجرة، وكذلك لو رهنه دابة عليها حمل للراهن فسلمها إليه صح التسليم، ولو رهن الحمل وهو على الدابة وسلمها إليه بحملها صح القبض لأن القبض حصل فيهما جميعا فيكون موجودا في الرهن منهما (فصل) وان رهنه سهما مشاعا مما لا ينقل خلى بينه وبينه سواء حضر الشريك أو لم يحضر وإن كان منقولا كالجوهرة يرهن نصفها فقبضها تناولها ولا يمكن تناولها الا برضا الشريك فإن رضي الشريك تناولها وان امتنع الشريك فرضي المرتهن والراهن بكونها في يد الشريك جاز وناب عنه في القبض، وان تنازع الشريك والمرتهن نصب الحاكم عدلا تكون في يده لهما، وان ناولها الراهن للمرتهن بغير رضاء الشريك فتناولها فإن قلنا استدامة القبض شرط لم يكفه ذلك التناول، وان قلنا ليس بشرط فقد حصل القبض لأن الرهن حصل في يده مع التعدي في غيره فأشبه ما لو رهنه ثوبا فسلمه إليه مع ثوب لغيره فتناولهما معا، ولو رهنه ثوبا فاشتبه عليه بغيره فسلم إليه أحدهما لم يثبت القبض لأنه لا يعلم أنه أقبضه الرهن فإن تبين أنه الرهن تبين صحة التسليم، وان سلم إليه الثوبين معا حصل القبض لأنه قد تسلم الرهن يقينا (فصل) ولو رهنه دارا فخلى بينه وبينها وهما فيها ثم خرج الراهن صح القبض، وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة لا يصح حتى يخلي بينه وبينها بعد خروجه منها لأنه ما كان في الدار فيده عليها فما حصلت التخلية. ولنا ان التخلية تصح بقوله مع التمكين منها وعدم المانع فأشبه ما لو كانا خارجين عنها ولا يصح ما ذكره ألا ترى ان خروج المرتهن منها لا يزيل يده عنها ودخوله إلى دار غيره لا يثبت يده عليها، ولأنه بخروجه عنها محقق لقوله فلا معنى لإعادة التخلية (فصل) وان رهنه مالا له في يد المرتهن عارية أو وديعة أو غصبا أو نحوه صح الرهن لأنه مالك له يمكن قبضه فصح رهنه كما لو كان في يده، وظاهر كلام أحمد لزوم الرهن بنفس العقد من غير احتياج إلى أمر زائد فإنه قال إذا حصلت الوديعة في يده بعد الرهن فهو رهن فلم يعتبر أمرا زائدا وذلك لأن اليد ثابتة والقبض حاصل وإنما يتغير الحكم لا غير. ويمكن تغير الحكم مع استدامة القبض كما لو طولب بالوديعة فجحدها لتغير الحكم وصارت مضمونة عليه من غير أمر زائد. ولو عاد الجاحد فأقر بها وقال لصاحبها خذ وديعتك فقال دعها عندك وديعة كما كانت ولا ضمان عليك فيها لتغير الحكم من غير حدوث أمر زائد. وقال القاضي وأصحاب الشافعي لا يصير رهنا حتى تمضي مدة يتأتى قبضه
(٣٧٢)