ولنا أن الله تعالى عذب أمة بحيلة احتالوها فمسخهم قردة وسماهم معتدين وجعل ذلك نكالا وموعظة للمتقين ليتعظوا بهم ويمتنعوا من مثل أفعالهم. وقال بعض المفسرين في قوله تعالى (وموعظة للمتقين أي لامة محمد صلى الله عليه وسلم، فروي أنهم كانوا ينصبون شباكهم للحيتان يوم الجمعة ويتركونها إلى يوم الأحد ومنهم من كان يحفر حفائر ويجعل إليها مجاري فيفتحها يوم الجمة فإذا جاء السمك يوم السبت جري مع الماء في المجاري فيقع في الحفائر فيدعها إلى يوم الأحد ثم يأخذها ويقول ما اصطدت يوم السبت ولا اعتديت فيه فهذه حيلة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم " من أدخل فرسا بين فرسين وقد أمن أن يسبق فهو قمار ومن أدخل فرسا بين فرسين وهو لا يأمن أن يسبق فليس بقمار " رواه أبو داود وغيره فجعله قمارا مع ادخاله الفرس الثالث لكونه لا يمنع معنى القمار وهو كون كل واحد من المتسابقين لا ينفك عن كونه آخذا أو مأخوذا منه وإنما دخل صورة تحيلا على إباحة المحرم وسائر الحيل مثل ذلك، ولان الله تعالى إنما حرم المحرمات لمفسدتها والضرر الحاصل منها ولا تزول مفسدتها مع ابقاء معناها باظهارهما صورة غير صورتها فوجب أن لا يزول التحريم كما لو سمى الخمر بغير اسمها لم يبح ذلك شربها وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " ليستحلن قوم من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها " ومن الحيل في غير الربا انهم يتوصلون إلى يتوصلون إلى بيع الشئ المنهي عنه أن يستأجر بياض أرض البستان بأمثال أجرته ثم يساقيه على ثمر شجره بجزء من الف جزء للمالك وتسعمائة وتسعة وتسعون للعامل ولا يأخذ منه المالك شيئا ولا يريد ذلك وإنما قصد بيع الثمرة قبل بدو صلاحها بما سماه أجرة والعامل لا يقصد أيضا سوى ذلك وربما لا ينتفع بالأرض التي سمى الأجرة في مقابلتها ومتى لم يخرج الثمر أو أصابته جائحة
(١٨٠)