مالا يجوز عليه العقد مرة إذا كان نوعا واحدا لا يجوز في عقدين كالذي على وجه الأرض وكالجمع بين الأختين، فأما حديث سهل فإنه مقيد بالنخلة والنخلتين بدليل ما روينا فيدل على تحريم الزيادة عليهما ثم إن المطلق يحمل على المقيد كما في العقد الواحد فاما ان باع رجل عريتين من رجلين فيهما أكثر من خمسة أوسق جاز وقال أبو بكر والقاضي لا يجوز لما ذكرنا في المشتري.
ولنا أن المغلب في التجويز حاجة المشتري بدليل ما روى محمود بن لبيد قال قلت لزيد بن ثابت ما عراياكم هذه؟ فسمى رجالا محتاجين من الأنصار شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الرطب يأتي ولا نقد بأيديهم يبتاعون به رطبا يأكلونه وعندهم فضول من التمر فرخص لهم أن يتباعوا العرايا بخرصها من التمر الذي في أيديهم يأكلونه رطبا، وإذا كان سبب الرخصة حاجة المشتري لم تعتبر حاجة البائع إلى البيع فلا يتقيد في حقه بخمسة أوسق، ولأننا لو اعتبرنا الحاجة من المشتري وحاجة البائع إلى البيع أفضى إلى أن لا يحصل الارفاق إذ لا يكاد يتفق وجود الحاجتين فتسقط الرخصة. فإن قلنا لا يجوز ذلك بطل العقد الثاني وان اشترى عريتين أو باعهما وفيهما أقل من خمسة أوسق جاز وجها واحدا (الفصل الثالث) أنه لا يشترط في بيع العرية أن تكون موهوبة لبائعها هذا ظاهر كلام أصحابنا وبه قال الشافعي وظاهر قول الخرقي انه شرط، وقد روى الأثرم قال: سمعت أحمد سئل عن تفسير العرايا فقال العرايا أن يعري الرجل الجار أو القرابة للحاجة أو المسكنة فللمعرى أن يبيعها ممن شاء، وقال مالك: بيع العرايا الجائز هو أن يعري الرجل الرجل نخلات من حائطه ثم يكره صاحب الحائط دخول الرجل المعرى لأنه ربما كان مع أهله في الحائط فيؤذيه دخول صاحبه عليه فيجوز ان يشتريها منه واحتجوا بان العرية في اللغة هبة ثمرة النخيل عاما قال أبو عبيد: الاعراء ان يجعل الرجل للرجل ثمرة نخله عامها ذلك قال الشاعر الأنصاري يصف النخل ليست بسنهاء ولا رجبية * ولكن عرايا في السنين الجوائح يقول إنا نعريها الناس، فتعين صرف اللفظ إلى موضوعه لغة ومقتضاه في العربية ما لم يوجد ما يصرفه عن ذلك. ولنا حديث زيد بن ثابت وهو حجة على مالك في تصريحه بجواز بيعها من غير الواهب ولأنه لو كان لحاجة الواهب لما اختص بخمسة أوسق لعدم اختصاص الحاجة بها ولم يجز بيعها بالتمر لأن الظاهر من حال صاحب الحائط الذي له النخيل الكثير يعريه الناس انه لا يعجز عن أداء ثمن العرية وفيه حجة على من اشترط كونها موهوبة لبائعها لأن علة الرخصة حاجة المشتري إلى اكل الرطب ولا ثمن معه سوى التمر فمتى وجد ذلك جاز البيع، ولان اشتراط كونها موهوبة مع اشتراط حاجة المشتري إلى أكلها رطبا ولا ثمن معه يفضي إلى سقوط الرخصة إذ لا يكاد يتفق ذلك، ولان ما جاز بيعه إذا كان موهوبا جاز وإن لم يكن موهوبا كسائر الأموال وما جاز بيعه لواهبه جاز لغيره كسائر الأموال وإنما سمي عرية لتعريه عن غيره وافراده بالبيع (الفصل الرابع) انه إنما يجوز بيعها بخرصها من التمر لا أقل منه ولا أكثر ويجب أن يكون التمر الذي يشترى به معلوما بالكيل ولا يجوز جزافا لا نعلم في هذا عند من أباح بيع العرايا اختلافا لما روى