(الفصل الخامس) انه لا يجوز بيعها إلا لمحتاج إلى أكلها رطبا ولا يجوز بيعها لغني وهذا أحد قولي الشافعي وأباحها في القول الآخر مطلقا لكل أحد لأن كل بيع جاز للمحتاج جاز للغني كسائر البياعات، ولان حديث أبي هريرة وسهل مطلقان. ولنا حديث زيد بن ثابت حين سأله محمود بن لبيد:
ما عراياكم هذه؟ فسمى رجالا محتاجين من الأنصار شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الرطب يأتي ولا نقد بأيديهم يبتاعون به رطبا يأكلونه وعندهم فضول من التمر فرخص لهم أن يبتاعوا العرايا بخرصها من التمر يأكلونه رطبا ومتى خولف الأصل بشرط لم تجز مخالفته بدون ذلك الشرط، ولان ما أبيح للحاجة لم يبح مع عدمها كالزكاة للمساكين والترخص في السفر، فعلى هذا متى كان صاحبها غير محتاج إلى أكل الرطب أو كان محتاجا ومعه من الثمن ما يشتري به العرية لم يجز له شراؤها بالتمر وسواء باعها لواهبها تحرزا من دخول صاحب العرية حائطه كمذهب مالك أو لغيره فإنه لا يجوز، وقال ابن عقيل يباح ويحتمله كلام أحمد لأن الحاجة وجدت من الجانبين فجاز كما لو كان المشتري محتاجا إلى أكلها. ولنا حديث زيد الذي ذكرناه والرخصة لمعنى خاص لا تثبت مع عدمه ولان في حديث زيد وسهل " يأكلها أهلها رطبا " ولو جاز لتخليص المعري لما شرط ذلك، فيشترط إذا في بيع العرية شروط خمسة أن يكون فيما دون خمسة أوسق، وبيعها بخرصها من التمر، وقبض ثمنها قبل التفرق، وحاجة المشتري إلى أكل الرطب، وأن لا يكون معه ما يشتري به سوى التمر، واشترط القاضي وأبو بكر شرطا سادسا وهو حاجة البائع إلى البيع، واشترط الخرقي كونها موهوبة لبائعها، واشترط أصحابنا لبقاء العقد أن يأكلها أهلها رطبا فإن تركها حتى تصير تمرا بطل العقد وسنذكر ذلك إن شاء الله تعالى {مسألة} قال (فإن تركه المشتري حتى يتمر بطل العقد) يعني ان لم يأخذها المشتري رطبا بطل العقد خلافا للشافعي في قوله لا يبطل، وعن أحمد مثله لأن كل ثمرة جاز بيعها رطبا لا يبطل العقد إذا صارت تمرا كغير العرية. ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " يأكلها أهلها رطبا " ولان شراءها إنما جاز للحاجة إلى أكل الرطب فإذا أتمرت تبينا عدم الحاجة فيبطل العقد ثم لا فرق بين تركه لغناه عنها أو مع حاجته إليها أو تركها لعذر أو لغير عذر للخبر، ولو أخذها رطبا فتركها عنده فأتمرت أو شمسها حتى صارت تمرا جاز لأنه قد أخذها، ونقل عن أحمد رواية أخرى فيمن اشترى ثمرة قبل بدو صلاحها ثم تركها حتى بدا صلاحها لا يبطل البيع فيخرج ههنا مثله فإن أخذ بعضها رطبا وترك باقيها حتى أتمر فهل يبطل البيع في الباقي على وجهين (فصل) ولا يجوز بيع العرية في غير النخيل وهو اختيار ابن حامد وقول الليث بن سعد الا أن يكون مما ثمرته لا يجري فيها الربا فيجوز بيع رطبها بيابسها جريان الربا فيها، ويحتمل أن