(الفصل الثاني) انه متى اشترطها أحد المتبايعين فهي له مؤبرة كانت أو غير مؤبرة البائع فيه والمشتري سواء وقال مالك: إن اشترطها المشتري بعد التأبير جاز لأنه بمنزلة شرائها مع أصلها، وان اشترطها البائع قبل التأبير لم يجز لأن اشتراطه لها بمنزلة شرائه لها قبل بدو صلاحها بشرط تركها ولنا انه استثنى بعض ما وقع عليه العقد وهو معلوم فصح كما لو باع حائطا واستثنى نخلة بعينها ولان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الثنيا الا أن تعلم ولأنه أحد المتبايعين فصح اشتراطه للثمرة كالمشتري وقد ثبت الأصل بالاتفاق عليه وبقوله عليه السلام " الا أن يشترطها المبتاع " ولو اشترط أحدهما جزأ من الثمرة معلوما كان ذلك كاشتراط جميعها في الجواز في قول جمهور الفقهاء وقول أشهب من أصحاب مالك وقال ابن القاسم، لا يجوز اشتراط بعضها لأن الخبر إنما ورد باشتراط جميعها. ولنا ان ما جاز اشتراط جميعه جاز اشتراط بعضه كمدة الخيار وكذلك القول في مال العبد إذا اشترط بعضه (الفصل الثالث) ان الثمرة إذا بقيت للبائع فله تركها في الشجر إلى أوان الجزاز سواء استحقها بشرطه أو بظهورها وبه قال مالك والشافعي، وقال أبو حنيفة يلزمه قطعها وتفريغ النخل فيها لأنه مبيع مشغول يملك البائع فلزم نقله وتفريغه كما لو باع دارا فيها طعام أو قماش له. ولنا أن النقل والتفريغ للمبيع على حسب العرف والعادة كما لو باع دارا فيها طعام لم يجب نقله الا على حسب العادة في ذلك وهو أن ينقله نهارا شيئا بعد شئ ولا يلزمه النقل ليلا ولا جمع دواب البلد لنقله كذلك ههنا يفرغ النخل من الثمرة في أوان تفريغها وهو أوان جزازها وقياسه حجة لنا لما بيناه، إذ تقرر هذا فالمرجع في جزه إلى ما جرت به العادة فإذا كان المبيع نخلا فحين تتناهي حلاوة ثمره الا أن يكون مما بسره خير من
(١٩١)