بالملك في لحظة يسيرة ويفارق من لا يعتق عليه فإن ملكه لا يزول إلا بإزالته وكذلك شراء المحرم للصيد فإنه لو ملكه لثبت ملكه عليه ولم يزل، ولو قال كافر لمسلم أعتق عبدك عنى وعلى ثمنه ففعل صح لأن اعتاقه ليس بتمليك وإنما هو ابطال للرق فيه وإنما حصل الملك فيه حكما فجاز كما يملكه بالإرث حكما ولان ما يحصل له بالحرية من النفع ينغمر فيه ما يحصل من الضرر بالملك فيصير كالمعدوم وفيه وجه آخر أنه لا يصح بناء على شراء قريبه المسلم (فصل) ولو أجر مسلم نفسه لذمي لعمل في ذمته صح لأن عليا رضي الله عنه أجر نفسه من يهودي يستقي له كل دلو بتمرة وأتى بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأكله وفعل ذلك رجل من الأنصار وأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكره ولأنه لا صغار عليه في ذلك وان استأجره في مدة كيوم أو شهر ففيه وجهان (أحدهما) لا يصح لأن فيه استيلاء عليه وصغارا أشبه الشراء (والثاني) يصح هو أولى لأن ذلك عمل في مقابلة عوض أشبه العمل في ذمته ولا يشبه الملك لأن الملك يقتضي سلطانا واستدامة وتصرفا بأنواع التصرفات في رقبته بخلاف الإجارة (فصل) ولا يجوز أن يفرق في البيع بين كل ذي رحم محرم وبه قال أبو حنيفة وقال: مالك لا يحرم التفريق إلا بين الام وولدها لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من فرق بين الوالدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة " رواه الترمذي وقال حديث حسن وقال " لا توله والدة عن ولدها " فخصها بذلك فدل على الإباحة فيما سواه وقال الشافعي يحرم بين الوالدين والمولودين وان سفلوا ولا يحرم بين من عداهم لأن القرابة التي بينهم لا تمنع القصاص ولا شهادة بعضهم لبعض فلم تمنع التفريق في البيع كابني العم ولنا ما روى أحمد في المسند ثنا غندر ثنا سعيد بن أبي غروبة عن الحكم عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى عن علي رضي الله عنه قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبيع غلامين أخوين فبعتهما ففرقت بينهما فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال " أدركهما فارتجعهما ولا تبعهما الا جميعا " وروى عن أبي موسى أن النبي قال " لعن الله من فرق بين الوالدة وولدها والأخ وأخيه " ولان بينهما رحما محرما فلم يجز التفريق بينهما كالوالد مع أمه ويفارق ابني العم فإنه ليس بينهما رحم محرم (فصل) فإن فرق بينهما قبل البلوغ فالبيع باطل، وبه قال الشافعي فيما دون السبع، وقال أبو حنيفة البيع صحيح لأن النهي لمعنى في غير البيع وهو الضرر اللاحق بالتفريق فلم يمنع صحة البيع كالبيع في وقت النداء. ولنا حديث علي وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بردهما ولو لزم البيع لما أمكن ردهما، وروى أبو داود في سننه أن عليا فرق بين الام وولدها فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم فرد المبيع، ولأنه بيع محرم لمعنى فيه ففسد كبيع الخمر ولا يصح ما قاله فإن ضرر التفريق حاصل بالبيع فكان لمعنى فيه، فأما تحديده بالسبع فإن عموم اللفظ يمنع ذلك ولا يجوز تخصيصه بغير دليل، وإن كان فرق بينهما بعد البلوغ جاز، وقال أبو الخطاب فيه روايتان (إحداهما) لا يجوز لعموم النهي (والثانية) يجوز وهي الصحيحة لما روي أن سلمة بن الأكوع أتى أبا بكر بامرأة وابنتها فنفله أبو بكر ابنتها فاستوهبها منه النبي صلى الله عليه وسلم فوهبها له وأهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم مارية وأختها سيرين فأعطى النبي صلى الله عليه وسلم سيرين لحسان بن ثابت وترك مارية له، ولأنه
(٣٠٧)