(فصل) ومن اقتنى كلبا لصيد ثم ترك الصيد مدة وهو يريد العود إليه لم يحرم اقتناؤه في مدة تركه لأن ذلك لا يمكن التحرز منه، وكذلك لو حصد صاحب الزرع زرعه أبيح له أمسك الكلب إلى أن يزرع زرعا آخر، ولو هلكت ماشيته فأراد شراء غيرها فله امساك كلبها لينتفع به في التي يشتريها فاما ان اقتنى كلب الصيد من لا يصيد به احتمل الجواز لأن النبي صلى الله عليه وسلم استثنى كلب الصيد مطلقا واحتمل المنع لأنه اقتناه لغير حاجة أشبه غيره من الكلاب، ومعنى كلب الصيد اي كلب يصيد به وهكذا الاحتمالان فيمن اقتنى كلبا ليحفظ له حرثا أو ماشية إن حصلت أو يصيد به ان احتاج إلى الصيد وليس له في الحال حرث ولا ماشية يحتمل الجواز لقصده ذلك كما لو حصد الزرع وأراد أن يزرع غيره (فصل) ولا يجوز بيع الخنزير ولا الميتة ولا الدم. قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على القول به وأجمعوا على تحريم الميتة والخمر وعلى أن بيع الخنزير وشراءه حرام، وذلك لما روى جابر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة يقول " ان الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام " متفق عليه. ولا يجوز بيع مالا منفعة فيه كالحشرات كلها وسباع البهائم التي لا تصلح للاصطياد كالأسد والذئب وما لا يؤكل ولا يصاد به من الطير كالرخم والحدأة والغراب الأبقع وغراب البين وبيضها فكل هذا لا يجوز بيعه لأنه لا نفع فيه فأخذ ثمنه أكل مال بالباطل (فصل) ولا يجوز بيع السرجين النجس، وبهذا قال مالك والشافعي وقال أبو حنيفة يجوز لأن أهل الأمصار يتبايعونه لزروعهم من غير نكير فكان اجماعا. ولنا انه مجمع علي نجاسته فلم يجز بيعه كالميتة وما ذكروه فليس باجماع، فإن الاجماع اتفاق أهل العلم ولم يوجد، ولأنه رجيع نجس فلم يجز بيعه كرجيع الآدمي (فصل) ولا يجوز بيع الحر ولا ما ليس بمملوك كالمباحات قبل حيازتها وملكها ولا نعلم في ذلك خلافا فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال " قال الله عز وجل ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة. رجل أعطي بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يوفه أجره " رواه البخاري {مسألة} قال (وبيع الفهد والصقر المعلم جائز وكذلك بيع الهر وكل ما فيه المنفعة) وجملة ذلك أن كل مملوك أبيح الانتفاع به يجوز بيعه إلا ما استثناه الشرع من الكلب وأم الولد والوقف وفي المدبر والمكاتب والزيت النجس اختلاف نذكره في موضعه إن شاء الله تعالى لأن الملك سبب لاطلاق التصرف والمنفعة المباحة يباح له استيفاؤها فجاز له أخذ عوضها وأبيح لغيره بذل ماله فيها توصلا إليها ودفعا لحاجته بها كسائر ما أبيح بيعه وسواء في هذا ما كان طاهرا كالثياب والعقار وبهيمة الانعام والخيل والصيود، أو مختلفا في نجاسته كالبغل والحمار وسباع البهائم وجوارح الطير التي تصلح للصيد كالفهد والصقر والبازي والشاهين والعقاب والطير المقصود صوته كالهزار والبلبل والببغا وأشباه ذلك فكله يجوز بيعه، وبهذا قال الشافعي وقال أبو بكر عبد العزيز وابن أبي موسى لا يجوز بيع الفهد والصقر ونحوهما لأنها نجسة فلم يجز بيعها كالكلب. ولنا أنه حيوان أبيح اقتناؤه وفيه نفع مباح من غير
(٣٠٢)