وعيد في حبسه فأبيح بيعه كالبغل وما ذكراه يبطل بالبغل والحمار فإنه لا خلاف في إباحة بيعهما وحكمهما حكم سباع البهائم في الطهارة والنجاسة وإباحة الاقتناء والانتفاع، وأما الكلب فإن الشرع توعد على اقتنائه وحرمه الا في حال الحاجة فصارت اباحته ثابتة بطريق الضرورة بخلاف غيره، ولان الأصل الإباحة بدليل قول الله تعالى (وأحل الله البيع) ولما ذكرنا من المعنى خرج منه ما استثناه الشرع لمعان غير موجودة في هذا فبقي على أصل الإباحة، وأما الهر فقال الخرقي يجوز بيعها، وبه قال ابن عباس والحسن وابن سيرين والحكم وحماد والثوري ومالك والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي، وعن أحمد أنه كره ثمنها، وروي ذلك عن أبي هريرة وطاوس ومجاهد وجابر بن زيد واختاره أبو بكر لما روى مسلم عن جابر أنه سئل عن ثمن السنور فقال: زجر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وفي لفظ رواه أبو داود عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن السنور. قال الترمذي هذا حديث حسن وفي اسناده اضطراب. ولنا ما ذكرنا فيما يصاد به من السباع ويحمل الحديث على غير المملوك منها أو ما لا نفع فيه منها بدليل ما ذكرنا، ولان البيع شرع طريقا للتوصل إلى قضاء الحاجة واستيفاء المنفعة المباحة ليصل كل واحد إلى الانتفاع بما في يد صاحبه مما يباح الانتفاع به فينبغي ان يشرع ذلك فيه ليصل كل واحد إلى الانتفاع بما في يد صاحبه فما يباح الانتفاع به ينبغي أن يجوز بيعه (فصل) فإن كان الفهد والصقر ونحوهما مما ليس بمعلم ولا يقبل التعليم لم يجز بيعه لعدم النفع به وإن كان مما يمكن تعليمه جاز بيعه لأن مآله إلى الانتفاع فأشبه الجحش الصغير (فصل) فأما ما يصاد عليه كالبومة التي يجعلها شباشا لتجتمع الطير إليها فيصيده الصياد فيحتمل جواز بيعها للنفع الحاصل منها، ويحتمل المنع لأن ذلك مكروه لما فيه من تعذيب الحيوان وكذلك اللقلق ونحوه (فصل) فأما بيض مالا يؤكل لحمه من الطير فإن كان مما لا نفع فيه لم يجز بيعه طاهرا كان أو نجسا، وإن كان ينتفع به بأن يصير فرخا وكان طاهرا جاز بيعه لأنه طاهر منتفع به أشبه أصله، وإن كان نجسا كبيض البازي والصقر ونحوه فحكمه حكم فرخه، وقال القاضي لا يجوز بيعه لأنه نجس لا ينتفع به في الحال وهذا ملغي بفرخه وبالجحش الصغير (فصل) قال احمد أكره بيع القرد قال ابن عقيل هذا محمول على بيعه للإطافة به واللعب فأما بيعه لمن ينتفع به كحفظ المتاع والدكان ونحوه فيجوز لأنه كالصقر والبازي وهذا مذهب الشافعي وقياس قول أبي بكر وابن أبي موسى المنع من بيعه مطلقا (فصل) وفي بيع العلق التي ينتفع بها مثل التي تعلق على وجه صاحب الكلف فتمص الدم والديدان التي تترك في الشص فيصاد بها السمك وجهان (أصحهما) جواز بيعها لحصول نفعها فهي كالسمك (والثاني) لا يجوز لأنها لا ينتفع بها الا نادرا فأشبهت ما لا نفع فيه (فصل) ويجوز بيع دود القز وبزره، وقال أبو حنيفة في رواية عنه إن كان مع دود القز قز جاز بيعه وإلا فلا لأنه لا ينتفع بعينه فهو كالحشرات وقيل لا يجوز بيع بزره ولنا ان الدود حيوان طاهر يجوز اقتناؤه لتملك ما يخرج منه أشبه البهائم ولان الدود وبزره طاهر
(٣٠٣)