أبى يا رسول الله ما الشئ الذي لا يحل منعه؟ قال " الماء " قال يا رسول الله ما الشئ الذي لا يحل منعه؟
قال " الملح " وليس عليه بذل آلة البئر من الحبل والدلو والبكرة لأنه يخلق ولا يستخلف غيره بخلاف الماء وهذا كله هو الظاهر من مذهب الشافعي ولا فرق فيما ذكرنا بين البنيان والصحاري، وعن أحمد أنه قال: إنما هذا في الصحاري والبرية دون البنيان، يعني ان البنيان إذا كان فيه الماء فليس لأحد الدخول إليه إلا باذن صحابه (فصل) وهل يلزمه بذل فضل مائه لزرع غيره فيه روايتان (إحداهما) لا يلزمه وهو مذهب الشافعي لأن الزرع لا حرمة له في نفسه، ولهذا لا يجب على صاحبه سقيه بخلاف الماشية (والثانية) يلزمه بذله لذلك لما روي عن عبد الله بن عمرو أن قيم أرضه بالوهط كتب إليه يخبره انه قد سقى ارضه وفضل له من الماء فضل يطلب بثلاثين ألفا فكتب إليه عبد الله بن عمرو أقم قلدك ثم اسق الأدنى فالأدنى فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن بيع فضل الماء، قال أبو عبيد القلد يوم الشرب وفي المسند ثنا حسن قال حدثنا حماد بن سلمة عن أبي الزبير عن جابر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع فضل الماء، وروى إياس بن عبد الله قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يمنع فضل الماء. رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح، وفي لفظ نهى عن بيع الماء، ولان في منعه فضل الماء اهلاكه فحرم منعه كالماشية، وقولهم لا حرمة له قلنا فلصاحبه حرمة فلا يجوز التسبب إلى اهلاك ماله، ويحتمل أن يمنع نفى الحرمة عنه فإن إضاعة المال منهي عنها واتلافه محرم وذلك دليل على حرمته (فصل) وإذا اشترى عبدا بمائة فقضاها عنه غيره صح سواء قضاه بأمره أو غير أمره فإن بان العبد مستحقا لزم رد المائة إلى دافعها لأنا تبينا أنه قبض غير مستحق فكأن المائة لم تخرج من يد دافعها وان بان العبد معيبا فرده بالعيب أو بإقالة أو أصدق امرأة إنسان شيئا فطلقها الزوج قبل دخوله بها أو ارتدت فهل يلزم رد المائة إلى دافعها أو على المشتري والزوج؟ يحتمل وجهين (أحدهما) على الدافع لأن القبض حصل منه فالرد عليه كالتي قبلها (والثاني) على الزوج والمشتري لأن قضاءه بمنزلة الهبة لهما بدليل براءة ذمتها منه والهبة المقبوضة لا يجوز الرجوع فيها، وإن كان باذن المشتري والزوج احتمل أن يكون الحكم فيه كما لو قضاه بغير اذنه إذا كان فعل ذلك على سبيل التبرع عليه واحتمل أن يكون رده على الزوج والمشتري إذا كان عقدهما صحيحا بكل حال لأن اذنهما في تسليمه إلى من له الدين عليهما إذا اتصل به القبض جرى مجرى قبوله وقبضه بخلاف ما إذا لم يأذن، وان أذنا في دفع ذلك عنهما قرضا فإن الرد يكون عليهما والمقرض يرجع عليهما بعوضه (فصل) إذا قال العبد لرجل ابتعني من سيدي ففعل فبان العبد معتقا فالضمان على السيد نص عليه أحمد وبه قال أبو حنيفة إن كان السيد حاضرا حين غره العبد وإن كان غائبا فالضمان على العبد لأن الغرور منه. ولنا أن السيد قبض الثمن بغير استحقاق وضمن العهدة فكان الضمان عليه كما لو كان حاضرا وان بان العبد مغصوبا أو به عيب فرده فالضمان على السيد لما ذكرنا (فصل) وان اشترى اثنان عبدا فغاب أحدهما وجاء الآخر يطلب نصيبه منه فله ذلك وقال أبو حنيفة ليس له ذلك لأنه لا يمكنه تسليمه الا بتسليم تصيب الغائب وليس له تسليمه بغير اذنه.