{مسألة} قال (ومن قتله وهو معلم فقد أساء ولا غرم عليه) أما قتل المعلم فحرام وفاعله مسئ ظالم وكذلك كل كلب مباح امساكه لأنه محل منتفع به يباح اقتناؤه فحرم اتلافه كالشاة ولا نعلم في هذا خلافا ولا غرم على قاتله وبهذا قال الشافعي وقال مالك وعطاء عليه الغرم لما ذكرنا في تحريم اتلافه، ولنا انه محل يحرم أخذ عوضه لخبثه فلم يجب غرمه باتلافه كالخنزير، وإنما يحرم اتلافه لما فيه من الاضرار وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الضرر والاضرار (فصل) فأما قتل ما لا يباح إمساكه فإن الكلب الأسود البهيم يباح قتله لأنه شيطان، قال عبد الله بن الصامت سألت أبا ذر فقلت ما بال الأسود من الأحمر من الأبيض؟ فقال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فقال " الكلب الأسود شيطان " رواه مسلم وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها فاقتلوا منها كل اسود بهيم " ويباح قتل الكلب العقور لما روت عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " خمس من الدواب كلهن فاسق يقتلن في الحل والحرم: الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور " متفق عليه، ويقتل كل واحد من هذين وإن كان معلما للخبرين وعلى قياس الكلب العقور كل ما آذى الناس وضرهم في أنفسهم وأموالهم يباح قتله لأنه يؤذي بلا نفع أشبه الذئب، ومالا مضرة فيه لا يباح قتله لما ذكرنا من الخبر، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه أمر بقتل الكلاب حتى أن المرأة تقدم من البادية بكلبها فتقتله ثم نهى عن قتلها وقال " عليكم بالأسود البهيم ذي الطفيتين فإنه شيطان " رواه مسلم (فصل) ولا يجوز اقتناء الكلب إلا كلب الصيد أو كلب ماشية أو حرث لما روي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " من اتخذ كلبا الا كلب صيد أو ماشية أو زرع نقص من أجره كل يوم قيراط " وعن ابن عمر قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول " من اقتنى كلبا الا كلب صيد أو ماشية فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراطان، قال سالم وكان أبو هريرة يقول " أو كلب حرث " متفق عليه، وان اقتناه لحفظ البيوت لم يجز للخبر، ويحتمل الا باحة وهو قول أصحاب الشافعي لأنه في معنى الثلاثة فيقاس عليها والأول أصح لأن قياس غير الثلاثة عليها يبيح ما يتناول الخبر تحريمه قال القاضي وليس هو في معناها فقد يحتال اللص لا خراجه بشئ يطعمه إياه ثم يسرق المتاع، وأما الذئب فلا يحتمل هذا في حقه ولان اقتناءه في البيوت يؤذي المارة بخلاف الصحراء (فصل) فاما تربية الجرو الصغير لاحد الأمور الثلاثة فيجوز في أقوى الوجهين لأنه قصده لذلك فيأخذ حكمه كما يجوز بيع العبد الصغير والجحش الصغير الذي لا نفع فيه في لحال لما له إلى الانتفاع، ولأنه لو لم يتخذ الصغير ما أمكن جعل الكلب للصيد إذ لا يصير معلما الا بالتعليم ولا يمكن تعليمه إلا بتربيته واقتنائه مدة يعلمه فيها، قال الله تعالى (وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله) ولا يوجد كلب معلم بغير تعليم (والوجه الثاني) لا يجوز لأنه ليس من الثلاثة
(٣٠١)