(وجه) المذكور في الجامع أن هذا الولد إنما صار محكوما بردته تبعا لأبيه والتبع لا يستتبع غيره وأما حكم الاسترقاق فذكر في السير انه يسترق الإناث والذكور الصغار من أولاده لان أمهم مرتدة وهي تحتمل الاسترقاق والولد كما تبع الام في الرق يتبعها في احتمال الاسترقاق وأما الكبار فلا يسترقون لانقطاع التبعية بالبلوغ ويجبرون على الاسلام وذكر في الجامع الصغير الولدان فئ أما الأول فلان أمة مرتدة وأما الآخر فلانه كافر أصلى لان تبعية الأبوين في الردة قد انقطعت بالبلوغ وهو كافر فكان كافرا أصليا فاحتمل الاسترقاق ولو ارتدت امرأة وهي حامل ولحقت بدار الحرب ثم سبيت وهي حامل كان ولدها فيئا لان السبي لحقه وهو في حكم جزء الام فلا يبطل بالانفصال من الام والذمي الذي نقض العهد ولحق بدار الحرب بمنزلة المرتد في سائر الأحكام من الإرث والحكم بعتق أمهات الأولاد والمدبرين ونحو ذلك لان المعنى الذي يوجب لحاقه اللحاق بالموت في الأحكام التي ذكرنا لا يفصل الا انهما يفترقان من وجه وهو ان الذمي يسترق والمرتد لا يسترق وجه الفرق ان شرع الاسترقاق للتوسل إلى الاسلام واسترقاق المرتد لا يقع وسيلة إلى الاسلام لما ذكرنا انه رجع بعدما ذاق طعم الاسلام وعرف محاسنه فلا يرجى فلاحه بخلاف الذمي والله سبحانه وتعالى أعلم * (فصل) * وأما بيان أحكام البغاة فالكلام فيه في مواضع في تفسير البغاة وفي بيان ما يلزم امام أهل العدل عند خروجهم عليه وفي بيان ما يصنع بهم وبأموالهم عند الظفر بهم والاستيلاء على أموالهم وفي بيان من يجوز قتله منهم ومن لا يجوز وفي بيان حكم إصابة الدماء والأموال من الطائفتين وفي بيان ما يصنع بقتلى الطائفتين وفي بيان حكم قضاياهم أما تفسير البغاة فالبغاة هم الخوارج وهم قوم من رأيهم ان كل ذنب كفر كبيرة كانت أو صغيرة يخرجون على امام أهل العدل ويستحلون القتال والدماء والأموال بهذا التأويل ولهم منعة وقوة وأما بيان ما يلزم امام العدل عند خروجهم فنقول وبالله التوفيق ان علم الإمام ان الخوارج يشهرون السلاح ويتأهبون للقتال فينبغي له ان يأخذهم ويحبسهم حتى يقلعوا عن ذلك ويحدثوا توبة لأنه لو تركهم لسعوا في الأرض بالفساد فيأخذهم على أيديهم ولا يبدؤهم الامام بالقتال حتى يبدؤه لان قتالهم لدفع شرهم لا لشر شركهم لأنهم مسلمون فما لم يتوجه الشر منهم لا يقاتلهم وان لم يعلم الامام بذلك حتى تعسكروا وتأهبوا للقتال فينبغي له ان يدعوهم إلى العدل والرجوع إلى رأى الجماعة أولا لرجاء الإجابة وقبول الدعوة كما في حق أهل الحرب وكذا روى أن سيدنا عليا رضي الله عنه لما خرج عليه أهل حروراء ندب إليهم عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ليدعوهم إلى العدل فدعاهم وناظرهم فان أجابوا كف عنهم وان أبوا قاتلهم لقوله تعالى فان بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغى حتى تفئ إلى أمر الله وكذا قاتل سيدنا علي رضي الله عنه أهل حروراء بالنهروان بحضرة الصحابة رضي الله عنهم تصديقا لقوله عليه الصلاة والسلام لسيدنا على أنك تقاتل على التأويل كما تقاتل على التنزيل والقتال على التأويل هو القتال مع الخوارج ودل الحديث على امامة سيدنا علي رضي الله عنه لان النبي عليه الصلاة والسلام شبه قتال سيدنا علي رضي الله عنه على التأويل بقتاله على التنزيل وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتاله بالتنزيل فلزم أن يكون سيدنا على محقا في قتاله بالتأويل فلو لم يكن امام حق لما كان محقا في قتاله إياهم ولأنهم ساعون في الأرض بالفساد فيقتلون دفعا للفساد على وجه الأرض وان قاتلهم قبل الدعوة لا بأس بذلك لان الدعوة قد بلغتهم لكونهم في دار الاسلام ومن المسلمين أيضا ويجب على كل من دعاه الامام إلى قتالهم ان يجيبه إلى ذلك ولا يسعه التخلف إذا كان عنده غنا وقدرة لان طاعة الامام فيما ليس بمعصية فرض فكيف فيما هو طاعة والله سبحانه وتعالى الموفق وما روى عن أبي حنيفة رضي الله عنه انه إذا وقعت الفتنة بين المسلمين فينبغي للرجل ان يعتزل الفتنة ويلزم بيته محمول على وقت خاص وهو ان لا يكون امام يدعوه إلى القتال وأما إذا كان فدعاه يفترض عليه الإجابة لما ذكرنا وأما بيان ما يصنع بهم وبأموالهم عند الظفر بهم والاستيلاء على أموالهم فنقول الامام إذا قاتل أهل البغي فهزمهم ولوا مدبرين فإن كانت لهم فئة ينحازون إليها فينبغي لأهل العدل ان يقتلوا مدبرهم يجهزوا على
(١٤٠)